هناك ثقافة سائدة في مجتمعنا السعودي على وجه الخصوص، مؤسسة على أن الكبير لا يُخطئ، استناداً إلى عبارة: الأكبر سناً أكثر علماً. وأكاد أجزم، أنه لم يقم أحدنا بتحليل هذه النظرية، ليُظهر إيجابياتها وسلبياتها من اضطهاد وظلم للأصغر سناً، ولو كان على صواب! فما عليه إلا الصمت، لأنّ الطرف الآخر أكبر سناً! لا شك أنّ للشيخ الكبير احترامه، وينشأ الفرد مُنذ الصغر على مبدأ احترام الجميع، ولكن، مع الاحترام الذي ذكرناه، لاعيب في أن يعترف المخطيء بخطئه، ولوكان أكبر سناً، والأمر ليس فيه انتقاص «شخصي»، فالفلاسفة والعظماء والعلماء والأدباء المؤرخون، طوال التاريخ، لم يسلموا يوماً من الخطأ، ولكن لم يخجلوا من الاعتراف به وتصحيحه عند تلاميذهم! لابد من تحليل لفهم مضمون ما ينتج عنّا من أفعال، وعدم السكوت على حقوق مهضومة بسبب «أنه أصغر سناً!»، فالمؤكد أنّ العقل موجود في كل إنسان، فلا ينبغي أن يُجرد الأصغر من عقله، بسبب من هو أكبر، فهذا فيه تهميش وهضم كبير لحقوق الإنسان، وفيه تمادٍ في تأسيس خاطئ، فليس كل كبير عاقل، وليس كل صغير جاهل، أو ناقص الأهلية. هذه المرئيات التي نقولها الآن، لعلها تساعدنا في تطوير ثقافة الحوار، والحد من السلبيات المترتبة على مفاهيم غير صحيحة.