تأتي زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحالية إلى الولاياتالمتحدة في مرحلة تشهد تعميقا أكبر وتوسيعا لمحاور العلاقة التاريخية بين البلدين. وقال إدوار بورتون، رئيس مجلس الأعمال السعودي الأميركي «تتمتع كل من أميركا والسعودية بعلاقة اقتصادية قوية، حيث إن الولاياتالمتحدة هي أكبر شريك تجاري للمملكة، والمملكة هي واحدة من أكبر أسواق التصدير الأميركية في الشرق الأوسط«. وأوضح بورتون أن السعودية وقعت اتفاقية «الرؤية الاستراتيجية المشتركة» مع الرئيس دونالد ترمب في مايو (أيار) الماضي، والتي شملت عدة اتفاقيات بمئات المليارات من الدولارات. وانقسمت الاتفاقيات إلى جزأين، أحدهما خاص بالدفاع والآخر بالطاقة، وشملت صفقات الدفاع على مكافحة الإرهاب، والدفاع الجوي والصاروخي وتطوير القوات الجوية وأمن الحدود والأمن البحري، بالإضافة إلى الاتصالات والأمن السيبراني. وأوضح أن تلك الصفقات تعزز من الجاهزية في ظل المتغيرات الأمنية في المنطقة، ومنها مواجهة النفوذ الإيراني وتهديداته من خلال وكلائه في بعض دول المنطقة، وبخاصة في اليمن وسوريا ولبنان والعراق. والجزء الثاني من الصفقات الخاص بالطاقة، فهو يشمل النفط والصناعة ومشاريع تخص أرامكو. وأضاف بورتون أن «قادة الأعمال من الولاياتالمتحدة والمملكة أعلنوا عن أكثر من 200 مليار دولار في اتفاقيات تجارية، بما في ذلك صفقات بمليارات الدولارات من قبل أرامكو السعودية، وجنرال إلكتريك، وهانيويل إنترناشيونال، وجاكوبس غروب الهندسية، من بين آخرين». وهذه اتفاقات من ضمن الرؤية الاستراتيجية 2030 التي تستعد فيها المملكة ل«مرحلة ما بعد النفط». مؤكدا أن اقتصاد المملكة هو أحد أكبر الاقتصادات، ومصنفا من ضمن مجموعة العشرين. وأعرب كريستوفر هينزيل وهو القائم بالأعمال في سفارة الولاياتالمتحدة الأميركية في الرياض عن تفاؤله بأن بلاده والسعودية ستواصلان توسيع وتطوير علاقتهما، مؤكداً أن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولاياتالمتحدة تمثل فرصة مهمة لترسيخ التزاماتنا المتبادلة وإيجاد مجالات جديدة للتعاون. قال هينزيل تعليقاً على زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة: «أنا على ثقة من أن الرئيس ترمب وولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيجريان مناقشات مفتوحة وصريحة حول الكثير من القضايا المتنوعة التي تدل على مدى نضج الصداقة المشتركة بين أميركا والسعودية، كما نتطلع إلى البناء على إنجازات الزيارة من أجل تعزيز علاقتنا الثنائية القوية تاريخياً«. وأضاف «بينما أتطلع إلى زيارة ولي العهد السعودي إلى أميركا، أعكس لكم التاريخ الغني للعلاقات الأميركية – السعودية، فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، تتمتع كل من الولاياتالمتحدة والسعودية بصداقة دائمة وشراكة مثمرة تمتد على مدى 80 عاماً تولى خلالها أربعة عشر رئيساً وسبعة ملوك سعوديين، لقد تغير العالم بصورة مذهلة منذ ذلك العام 1940 م ونمت شراكتنا مع هذه التغييرات، حيث إن علاقاتنا الثنائية ركزت في البداية على الطاقة والأمن، ولكنها تطورت فيما بعد لتعالج مجموعة واسعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يخدم المصالح الوطنية المشتركة للبلدين، وتستمر علاقتنا في التطور اليوم مما يعزز الروابط التي ستنقلنا بشكل جيد إلى القرن الواحد والعشرين«. وشدد القائم بأعمال السفارة الأميركية في الرياض على أن «السعودية تعمل كشريك أساسي في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، فالمملكة الآمنة والمستقرة هي مفتاح السلام والاستقرار في منطقة مهمة لاقتصاد العالم بأسره، ولهذا السبب نقف مع الشركاء السعوديين ضد القوى التي تهدد المنطقة«. وتابع: «أعرب الرئيس ترمب عن مخاوف الولاياتالمتحدة بشأن السلوك الإيراني الخبيث الذي يهدف إلى تقويض الأمن في الشرق الأوسط، وتركز الولاياتالمتحدة على تحييد نفوذ إيران المزعزع للاستقرار وتقييد عدوانها، خاصة دعمها للإرهاب والمسلحين. ونعمل عن كثب مع المملكة وشركائنا الإقليميين الآخرين لإدانة انتهاكات إيران لقرارات مجلس الأمن الدولي وإجراءاتها ضد السلام والأمن الإقليميين. إذا نجحت إيران في توسيع نفوذها، فستشهد المنطقة مزيداً من الصواريخ الباليستية في أيدي الجماعات الخطرة، وزيادة في التطرف العنيف والإرهاب، وتهديداً أكبر للملاحة – خاصة في منطقة الخليج – ومزيداً من الهجمات السيبرانية المدمرة، وعواقب أخرى قد تقوض أمن المنطقة، ونحن نعمل بشكل وثيق مع السعودية والمجتمع الدولي للتأكد من أن هذا لن يحدث«. وأكد هينزيل أن الولاياتالمتحدة تتفهم خطورة هجمات الحوثيين المدعومة من إيران على الحدود الجنوبية السعودية، وهي ملتزمة بمساعدتها على حماية حدودها وضمان سلامة المواطنين السعوديين. وأردف «كما أننا نستجيب لطلبات الجانب السعودي للحصول على المشورة بشأن أفضل طريقة لمنع وقوع الإصابات في صفوف المدنيين خلال هذا الصراع، إن وقوع الخسائر في صفوف المدنيين غير مقبول وتتحمل الحكومات مسؤولية التحقيق الدقيق في هذه الحوادث عند حدوثها ومنع وقوعها في المستقبل، كما أن الطريقة الوحيدة المؤكدة لإنهاء وقوع الإصابات في صفوف المدنيين هي إنهاء القتال، وتواصل الولاياتالمتحدة دعمها للجهود المبذولة لإيجاد نهج سياسي ينهي النزاع المسلح في اليمن ويعالج أيضا المخاوف الأمنية للمملكة العربية السعودية، وسيقوم مبعوث الأممالمتحدة الجديد الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث بمواصلة العمل الذي قامت به الأممالمتحدة لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات. يجب علينا جميعاً دعمه والعمل معه«.