يبدو أن أهل الصحة لهم ذات الطباع وديدنهم واحد، فمثلا عندما تصاب بوعكة صحية تذهب للمستشفى ليتم تنويمك، وتمضي الأيام والليالي وأنت تنتظر كلمة من طبيب أو تطمينا من مسؤول يريح بالك، وربما يرفع معنوياتك ومناعتك للتغلب على المرض، لكن هيهات أن يحصل، وبدلا من ذلك تتسرب الشائعات ويكثر الهرج ويصلك بعض الأخبار من فاعلي "الشر" عفواً الخير، توحي لك بدنو الأجل وقرب النهاية، مما يزيد حالتك سوءا وربما تعجل بتسليم الأمانة إلى بارئها. هذا على الصعيد المحدود (طبيب ومريض وبضعة أشخاص من الفريق الصحي والأقارب)، ماذا عن الصعيد الأكبر وهو ما نعني به الصحة، ممثلة في 200 ألف موظف ونحو30 مليون مواطن ومقيم؟ إرهاصات التحول تسير على قدم وساق والعمل جار لتنفيذ الرؤيا بكل ما يخدم الصحيح والمريض. وهذه الجهود الجبارة يقوم بها فريق محدود، ومنا جزيل الشكر وعظيم الامتنان لكل القائمين على ذلك. ولكن أليس من حق المواطن أن يعرف مصيره الصحي؟ لقد أصبح يغرد مردداً "تصريح ولو جبر خاطر ولا بيان من بعيد" ولا رسالة تطمين يا مسؤول بيد ساعي البريد"! مردداً كثير الأسئلة هل سيلحق بالتأمين؟ هل سيدفع من جيبه؟ ما مصير أولاده الخمسة وأولاد جاره ال 20 وكبير السن في قريته؟ وأبناء القرية المعاقون؟ وإن حصل التأمين أو التخصيص، فما هي الأمراض التي ستعالج؟ وما مصير بنت الجيران التي شوهت الحروق بعض جمالها؟ هل ستعالج أم سيكون وجهها وإصلاحه نوعا من الكماليات التي لا يغطيها التأمين؟ وهل سيتم معالجة خاله أبوكرش جنان؟ على الجانب الآخر ما مستقبل الطبيب؟ وكيف سيكون التعامل معه؟ ماذا عن عمود الصحة عشرات الآلاف من التمريض أين سيكونون وما دورهم؟ وما هو مصير الباقي من الفريق الصحي؟ وإلى أن يتحدد مصير السليم والمريض والجميع، نسأل الله أن يمن علينا ببعض التصاريح بين الحين والآخر، التي تغنينا عن الكم الهائل من الشائعات التي قد تعجل بمرضنا، وربما تحولنا إلى دار أخرى قبل أن ندرك التحول!