يعدُّ السُّيَّاحُ الخليجيُّون في بعض الدول السِّياحيَّة صيداً مغرياً ثميناً وسهلاً للنَّصابين وللُّصوص، سواءٌ أكان أولئك من مواطني تلك الدول أو من المقيمين فيها القادمين إليها لهدف اصطياد الخليجيِّين فيها، وفي حين يتَّجه خليجيُّون لدول إفريقيَّة وآسيويَّة لقنص طيورها أو لصيد حيواناتها البريَّة برحلاتِ سفاري مرتَّبة لهم برخصٍ نظاميَّة من دولها، فهناك نصَّابون ولصوصٌ يرتادون بأنفسهم دولاً سياحيَّة أو قد تستقدمهم عصاباتٌ يعملون تحت مظلَّتها وبتخطيطها لاصطياد السُّيَّاح الخليجيِّين، فهل هناك أسبابٌ أو خصائصُ تجعلهم صيداً مغرياً وسهلاً في دولٍ سياحيَّة يرتادونها، إضافة إلى ما يتعرَّضون له في دولهم الخليجيَّة من نصبٍ وسرقات؟، وكيف يتحاشى الخليجيُّون ذلك ويحمون أنفسهم وممتلكاتهم وأوراقهم الثبوتيَّة من النَّصابين واللُّصوص في دولهم وفي الدول السياحيَّة؟. عادةً ما يتباهى السيَّاحُ الخليجيُّون في الدول السياحيَّة مستعرضين مظاهر ثرائهم بما يمتلكونه؛ إذْ غالباً ما تتحلَّى نساؤهم بمجوهراتٍ غالية، ويحملون معهم جوَّالاتٍ ثمينة، ويرتدون ملابسَ فاخرة جدّاً، وربَّما شحنوا سيَّاراتهم الخاصَّة لتلك الدول السياحيَّة، ويصطحبون معهم خدمهم الآسيويين، بل ويستعرضون علانيةً أموالهم عند دفعهم لمشترياتهم في محلَّات التسوُّق أو في المطاعم أو في الشوَّارع أو في غيرها، وهذا ما يغري بهم النَّصَّابون واللُّصوص والفقراء والعاطلون عن العمل في تلك الدول السياحيَّة فيخطِّطون للنصب عليهم أو لسرقتهم، بل وقد يندفع أولئك لسلبهم أموالهم وممتلكاتهم بالقوَّة وعلناً. ويتكتَّمُ معظم أولئك على ما يحدث لهم من نصبٍ وسرقاتٍ إلاّ أنَّ ما يُعرف من ذلك يدلُّ على أنَّ نسبة مرتفعة منهم يتعرَّضون لذلك، فعادةً هم لا يلجأون إلى الجهات الأمنيَّة في الدول السياحيَّة ستراً لسذاجتهم أو لتفريطهم ولسوء تصرُّفاتهم أو لريبةٍ في الأماكن التي وجدوا فيها أثناء تعرُّضهم لذلك، أو لمخالفتهم الأنظمة الداخليَّة للدول السياحيَّة فيما يحملونه من أموالٍ وممتلكات ومشترياتٍ قصداً أو بجهل منهم، فيا أيُّها السيَّاح الخليجيُّون ابتعدوا عن تلك المظاهر الاستعراضيَّة لتسلموا من النصب والسرقة، ولا تخالفوا أنظمة الدول السياحيَّة لتجدوا مساعدة جهاتها الأمنيَّة. يتنقَّل معظم السيَّاح الخليجيين بسيَّارات أجرة غير مأمونة ظنّاً منهم بأنَّها الأقلُّ تكلفةً من سيَّارات الأجرة المعتمدة رسميّاً أو لكي لا ينتظروا وصولها بعد اتِّصالاتهم بمكاتبها، ويدخلون في حواراتٍ جانبيَّة ومطوَّلة مع سائقيها بلغاتهم أو بلغة عربيَّة مكسَّرة اكتسبها السائقون من الخليجيِّين خلال سنواتٍ من العمل في هذا المجال، ومن خلال حواراتهم معهم يكتشفون فيهم سذاجة وجهلاً بالمواقع وبالمعالم السياحيَّة فينصبون عليهم بتطويل مسافات مشاويرهم لرفع أجرتها، وربَّما خرجوا بهم بعيداً عن الشوارع لطرقات خارجيَّة وهدَّدوهم بأسلحة يخبئونها بسياراتهم لهذا الغرض وسلبوهم ممتلكاتهم التي يحملونها بل ويستولون على جوَّالاتهم لقطع اتِّصالاتهم بالجهات الأمنيَّة وعلى وثائقهم الثبوتيَّة، إن لم يكن قد صوَّروهم بأوضاع مخزية بجوَّالاتهم إذا اكتشفوا ارتيادهم لأماكن الشبهات ليبتزُّوهم لاحقاً بصورهم وبوثائقهم، إن لم يسلِّموهم لعصابات إرهابيَّة لتوريطهم، وخاصَّة إذا ما تبيَّنوا لدى بعضهم فكراً متطرِّفاً وميلاً إرهابيّاً، فيا أيُّها السيَّاحُ الخليجيُّون المثرثرون مع أولئك أو مع غيرهم ابتعدوا عن ذلك لتسلموا من النصب والسرقة ومن الجرائم الأخرى. يحمل السيَّاح الخليجيُّون معهم في الدول السياحيَّة جميع أوراقهم الثبوتيَّة وبطاقاتهم المصرفيَّة والائتمانيَّة بجيوبهم أو في محافظ صغيرة ويتنقَّلون بها في سيَّارات الأجرة ومحلَّات التسوُّق والمطاعم وفي المواقع السِّياحيَّة وكأنَّهم يتجوَّلون في دولهم الخليجيَّة، ويستخرجون منها الأموال والبطاقات المصرفيَّة لمدفوعاتهم فيغرون الآخرين بنشلها وقد ينسونها في سيَّارات الأجرة أو في محلَّات التسوُّق أو قد تسقط منهم هنا أو هناك، ونادراً ما يسجِّل الخليجيُّون بياناتهم ويحدِّدون أماكن إقاماتهم عند وصولهم وجهاتهم السياحيَّة في سفارات دولهم أو قنصليَّاتها. ونادراً ما يودع الخليجيُّون وثائقهم وممتلكاتهم في صناديق أمانات أماكن إقاماتهم؛ بحيث لا يأخذون معهم منها في جولاتهم السياحيَّة والتسوُّقيَّة إلَّا ما يحتاجونه فقط، ويسكنون شققاً أقلَّ أمناً وتأميناً لحياتهم وممتلكاتهم، وحينما يقعون يلومون أنفسهم لا أكثر ولا يأخذون عِبَراً لسياحاتٍ قادمة، ويكرِّرون ذلك غير مبالين بالتحوُّط لأنفسهم ولممتلكاتهم، فيا أيُّها الخليجيُّون المفرِّطون انتبهوا لأنفسكم ولا تحملوا من أوراقكم الثبوتيَّة من دولكم في سياحاتكم ما لا تحتاجونه، وابحثوا عن السكن الآمن وابتعدوا عن أماكن الريبة واستفيدوا من سفارات بلادكم ومن الاحتياطات الأمنيَّة في أماكن إقاماتكم السياحيَّة لتسلموا من النصب والسرقة والجرائم الأخرى. يعدُّ السيَّاحُ الخليجيُّون من أقلّ السيَّاح المتحرِّكين في مجموعات سياحيَّة أو المستفيدين من خدمات الشركات والمكاتب السياحيَّة في تنظيم رحلاتهم وجولاتهم السياحيَّة وفي ترتيب حجوزاتهم وتنقُّلاتهم؛ ويعزى ذلك إلى أنَّ رحلاتهم السياحيَّة تأتي في معظمها طارئةً غير مخطَّطٍ لها؛ إذْ يتأثَّرون بما يسمعونه ممَّن سبقوهم بارتياد دولٍ سياحيَّة من خلال أحاديث مجالسهم وديوانيَّاتهم، كما أنَّ رحلاتهم السياحيَّة تكون في نسبة كبيرة منها ذكوريَّة غير عائليَّة؛ وتلك قد لا تكون مناسبةً لمشاركتهم المجموعات السياحيَّة المنظَّمة من قبل الشركات والمكاتب السياحيَّة، كما أنَّ أهدافهم من معظم رحلاتهم السياحيَّة ليست معلنةً لبعضهم بقدر ما تكون أهدافاً خاصَّة يخفونها عن بعضهم، بل إنّهم لا يحبِّذون أن يعرفَ الآخرون تفصيلات رحلاتهم أو جولاتهم السياحيَّة لإمكانيَّة حجب معظمها عن الآخرين وعن مجتمعاتهم أو للإضافة عليها من خيالاتهم ادِّعاءً واستعراضاً؛ ولذلك كثيراً ما يتورَّطون أو يقعون في مشكلاتٍ تكلِّفهم أوقاتاً وأموالاً طائلة؛ وربَّما أفسدت عليهم استمراريَّة رحلاتهم وأدَّت لقطعها وإنهائها، فمتى يا أيُّها السيَّاح الخليجيُّون ترتقون بثقافاتكم السياحيَّة أهدافاً وتنظيماً؟.