أجرت «الشرق» جولة ميدانية على مدى يومين كاملين، على أماكن متفرقة من جبال رضوى الشاهقة، التي تمتد من ينبع النخل إلى ينبع البحر، وتصل إلى منتصف طريق أملج؛ حيث تبلغ المساحة التي يغطيها الجبل أكثر من 120 كيلومتراً مربعاً بطول أكثر من 27 كيلومتراً تقريباً من الشرق إلى الغرب، ويبلغ أعلى ارتفاع لجبال رضوى ألفين و282 متراً. وجاء هدف الجولة للوقوف على حقيقة ما يتردد بين سكان المنطقة، من أن هناك صيداً جائراً لأنواع من الحيوانات النادرة مثل النمر العربي والوعول أو الماعز البري، التي أدى الصيد الجائر إلى تقلص أعدادها بشكل مخيف وهي حالياً باتت مهددة بالانقراض، إضافة إلى الغزلان والوبر والكواسر الأكبر حجماً كالصقور الجارحة والنسور والقلة القليلة تقطن هذه المنطقة، وهذا يعد مؤشراً قوياً على الانتهاك الواضح، الذي تتعرض له الحياة البرية في الصحراء من إبادة مع التعدي على بعض أنواع الأشجار مثل القهوة العربية والخزامى والشوحط والبشام والشث وغيرها. ورافق «الشرق» أثناء الرحلة أحد هواة القنص، من العارفين بطرقات المنطقة الجبلية الصعبة التي يعرفها جيداً أهالي البادية القدماء، ممن كانوا يقطنون سفوح الجبال. وكانت رحلة شاقة استغرقت خمس ساعات مشياً على الأقدام، للوصول إلى المواقع التي يوجد بها الصيد. وعند وصولنا، وجدنا رؤوساً لعدد من الوعول والغزلان، في دلالة واضحة على حدوث إبادة. وأكد المرافق خلال هذه الجولة، وجود عدد كبير من الصيادين من خارج المنطقة وداخلها، يأتون على فترات متفاوتة ويقومون بعمليات صيد وإبادة جائرة. كما كشف مواطن يقطن بمواقع محيطة بجبال رضوى وآخرون من أصحاب مناحل العسل الجبلي، عن سماعهم أصوات أعيرة نارية شبه يومية، ومشاهدتهم لمخلفات رؤوس وأطراف الوعول والغزلان وأحياناً جلود هذه الحيوانات بشكل مستمر وبطريقة عشوائية، رغم صعوبة الصعود إلى هذه المناطق، إلا أنهم يأتون إليها ويقومون بهواية الإبادة الجماعية. وأكمل المرافق: «يصعب على الصيادين نقل صيدهم بحكم صعوبة التضاريس والأوزان الكبيرة للوعول؛ ما يجعلهم يقومون بترك صيدهم دون الاستفادة منه». وزوّد أحد الهواة «الشرق» بصور منها القديم والجديد، لأشخاص يقومون بالصيد، وصور أخرى لوعول وقت اصطيادها. وأوضح المرافق أن النسور في السابق كانت ترى على قمم الجبال أثناء طريق هجرتها مروراً بجبال رضوى، وأضاف: «للأسف كانت تموت على مواقع الأودية بين الجبال في المناطق المرتفعة، بسبب أكلها بعض الحيوانات التي يضع فيها أصحاب المواشي السموم لقتل الذئاب، وتقع النسور ضحية دائماً».ولم يكتفِ الصيادون بالصيد الجائر فقط، بل طال العبث بعض الأشجار والنباتات في هذه المنطقة المرتفعة، مثل أشجار البن والزيتون وغيرهما من النباتات الأخرى بالمنطقة، ومن هذا المنطلق، تتعالى بين حين وآخر مطالبات مجاوري جبال رضوى للجهات المعنية على رأسها هيئة الحياة الفطرية، بتحويل بعض المناطق هناك إلى محميات يُمنع فيها الصيد، وتكون مراقبة بكاميرات حرارية ودوريات للجهاز وجوّالة وهكذا. وذكر بعض الأهالي ل»الشرق» عن وجود حيوانات في الجزيرة العربية قبل عقدين منها النمر العربي، لا يمكن مشاهدتها في الوقت الحالي إلا نادراً، وعلق بعضهم بالقول: «تلاشت هذه الصورة؛ لأننا في السابق كنا نحمي هذه الحيوانات النادرة والأشجار والنباتات، وعندما كنا نصطاد في السابق، كان الغرض للحاجة وليس للهواية أو العبث، وكنا نتفاخر في السابق فوق الجبال بالحفاظ عليها، وكلما تكاثر العدد بالقرب من إحدى القبائل كان دليلاً على أمنها بجوارنا». من جهته، أكد نائب مدير العلاقات العامة في هيئة حماية الحياة الفطرية إبراهيم شراحي، أن جبال رضوى ليست ضمن المحميات المسجلة لدى الهيئة. وعن الصيد الجائر، أوضح شراحي أنه ممنوع بجميع أشكاله، وبيَّن أن زيارة الهيئة لجبال رضوى زيارة استطلاعية؛ للتأكد من صحة البلاغات المقدمة. صياد يحمل الحطب