لا تخلو الدوائر الحكومية والقطاعات الخاصة في أكثر الأوقات ممَّن لديه حب العمل، وخدمة المراجعين والسعي إلى الإنجاز وإتقان ما أوكل إليه، ولا يراعي في ذلك أحداً بقدر ما يراقب ضميره الذي يؤنبه عند أي تقصير في عمله، وقبل ذلك يراعي مراقبة الله، فيما بين يديه، ويرى أنَّ من مهامه المناطة به إرضاء الأشخاص الذين تتوقف حاجاتهم ومطالبهم عنده، فيسرع إلى إنهائها بالإيجاب المقنع، والإنتاج المرضي، في حدود واجباته الوظيفية التي ينبغي أن تؤدى على أكمل وجه، وأحسن صورة، دون ابتكار الأعذار المستهلكة والمكررة، مثل: لدي موعد خاص لا يجوز تركه أوالتساهل فيه، أو أنَّ أحد أفراد عائلتي مريض يستلزم مداواته، وغير ذلك. وما نتحدث عنه، شخص لا يعرف المماطلة أوالتسويف، ولا يعترف بالتعاجز والقعود، ولا يؤمن بتحكم الأمزجة. ولكن هذا الموظف المثابر، الناجح، ينتظر من يشجعه على أدائه، ويكرّمه على مجهوده في ختام العام أمام الجميع، حتى يكون مدرسة لغيره من أبناء وطننا الغالي.فكم لدينا من أشخاص جادين، مكافحين في عملهم، يترقبون التكريم والاحتفاء بهم، ولكن التكريم دائماً يذهب لغيرهم من النخب، عن طريق المحسوبية والمحاباة، وعن طريق بوابة الأقربين أولى بالمعروف! والسؤال هو: ما السبب الذي يمنع تخصيص مكافأة سنوية تصرف للموظف المتميز في قطاعاتنا الحكومية والخاصة؟ هل هو حباً في البيروقراطية المدمرة؟ أم هو الحسد القاتل؟ أم الغيرة التي تعطل الإنتاج؟ لدينا موظفون بارعون لم يجدوا خياراً لهم سوى التقاعد المبكر، مما يواجهونه في حياتهم العملية، وبعد أن يغادروا نسكب من خلفهم دموع الفراق ونرسل آهات التحسر عليهم! فمتى يُكرّم الموظف المثابر بيننا؟