لطالما التجارة كانت المهنة الأوفر حظا ليس لربحها الذي نقل عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قوله «إن تسعة أعشار الرزق فيه»، وليس للذة العمل في مالك الخاص، بل لأنها المهنة الوحيدة في المملكة التي حظيت بجهات تمثلها وتتبنى قضاياها وتدافع عن ممارسيها وتسعى لتحقيق مطالبهم وتمثيل صوتهم للحكومة. 28 غرفة تجارية صناعية، يترأسها مجلس الغرف السعودية، كلها تعمل لأجل تحقيق تطلعات التجار، وتسهيل عملهم وتمثيلهم داخليا وخارجيا. كل ذلك على أمل تحفيز وتنشيط القطاع الخاص. دور الغرف التجارية ومجلس الغرف السعودية محصور بشكل مبالغ فيه في تمثيل القطاع الخاص فقط، تحقيق أهدافه، تطلعاته، التوفيق بينه وبين الجهات الحكومية، لأجل رضا التاجر ورائد الأعمال ورخائه وازدهاره، وأفكر في ماذا لو عكسنا الدور قليلا وأحيانا، ومثّلت هذه الجهات صوت المجتمع، وحققت مطالبه من القطاع الخاص، وكانت حلقة الوصل ليس في اتجاه واحد، بل في الاتجاهين؟ لربما الأقدر والأفضل أن تبدأ الغرف التجارية ومجلس الغرف السعودية الذي يرأسها، بإضافة مهمة جديدة لمهامهم وتبني دور أكثر حيوية في الوطن، والدخول بعمق للمجتمع من خلال تبني مفهوم المسؤولية المجتمعية وتنشيط دورها وفرضها على القطاع الخاص؛ حيث لا يزال هذا المفهوم ضائعا في الفهم وفي التطبيق رغم أهميته ودوره في المساهمة في ازدهار المجتمعات وحيويتها. ولعلها – الغرف التجارية ومجلس الغرف السعودية – تكون أكثر قربا للمواطن والوطن بتحقيق منفعة حقيقية مباشرة للمجتمع، والمساهمة أكثر ليس في الجانب الاقتصادي، فحسب بل والمجتمعي أيضا. الغرف التجارية ومجلس الغرف السعودية، فضلا عن أن عملها يتراوح بين نشيط جدا ومؤثر ومتنوع في مناطق، وبين غرف ساكنة في عملها، بكل الأحوال، لعله جاء وقت الخروج من حالة السكون التي تقبع فيه ومحاولة تبني مواضيع حساسة تمس رجل الأعمال بالدرجة الأولى لكن من ناحية دوره تجاه مجتمعه، تلامس احتياج المجتمع، وتكون شريكاً حقيقياً في تحول الوطن لرؤيته في عام 2030. تبني المسؤولية المجتمعية كمفهوم يحتمل أكثر من جانب، ليس بالضرورة تشريع قانون أو تطبيق نظام، لكن من واقع العمل ومن واقع الصعوبات التي تواجه رجل الأعمال، من الممكن الخروج بحلول تسهم بشكل حقيقي في تنمية المجتمع، والغرف كممثل للتجار، بإمكانها أن تكون الحلقة الأقوى في الوصول للمشكلات والحلقة الأسرع في الوصول للحلول. مفهوم «المسؤولية المجتمعية» متشعب وممتد، ويحتاج لدراسة وتشريع وتنظيم وتوعية؛لذلك فهو يحتاج لتكاتف أكثر من جهة رسمية لتعميقه في القطاع الخاص، ولعلها الفرصة متاحة الآن للغرف التجارية ومجلس الغرف السعودية، وهي الجهات المستقرة والمنظمة من سنوات، بأن تأخذ السبق والمبادرة وتدعم المفهوم؛ ليكون للقطاع الخاص دور فاعل، ويكون شريك الحكومة ليس فقط في المشاريع والمطالبات، بل في تنمية المجتمع تنمية مستدامة.