بعد الإعلان عن 6 مرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران؛ يبدو الرئيس حسن روحاني الأوفر حظاً، في حين عجز "المحافظون"، مجدّداً، عن الاصطفاف خلف مرشح واحد، فطرحوا 3 أسماء. وأياً كانت نتيجة الانتخابات المقرّرة في ال 19 من مايو المقبل؛ تبقى الصلاحيات الأوسع والقرارات المصيرية في يد المرشد. وانطلقت الحملة الانتخابية أمس الجمعة، غداة إعلان ما يُسمى ب "مجلس صيانة الدستور"، الخاضع لهيمنة رجال الدين المحافظين، عن قائمة مرشحين نهائية استبعدت الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. ولم يكن هذا الاستبعاد مفاجئاً. وأحدث الرئيس السابق صدمةً وارتباكاً في ال 12 من أبريل الجاري، حينما قدم أوراق ترشيحه خلافاً لرأي المرشد علي خامنئي. وأثناء رئاسته التي امتدت بين 2005 و2013؛ أثار نجاد انتقادات "المحافظين" بسبب ما اعتبروه تحدياً منه ل "السلطة الأعلى". وقبل 4 أعوام؛ فاز روحاني بالرئاسة من الجولة الأولى، بدعم كبير ممن يسمون أنفسهم "معتدلين" و"إصلاحيين". واعتبر الباحث في المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، كليمان تيرم، أنه "ما أن طلب المرشد الأعلى (من نجاد) ألا يترشح؛ باتت موافقة مجلس صيانة الدستور على مشاركته مستحيلة". وذكر الباحث أن "نجاد في ولايته الثانية وصل به الأمر إلى تحدي السلطة الدينية. بالتالي لم يعد مفيداً للنظام". وتقدّم نحو 1636 مرشحاً، بينهم 137 امرأة، بطلب خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكنّ مجلس صيانة الدستور لم يقبل في نهاية المطاف سوى ترشيح 6 رجال. وشكّل إعلان المجلس بدء الحملة الانتخابية على الفور مفاجأة، بينما كان انطلاقها مقرراً أصلاً في ال 28 من أبريل. لذلك لم تكن أي أنشطةٍ انتخابيةٍ معيّنةٍ مقرَّرةً أمس في طهران. وفيما يترقب ناخبون المناظرات التلفزيونية بين المرشحين؛ لم تُجِز اللجنة الانتخابية بثّها بالنقل المباشر، إنما بعد تسجيلها، في قرار مفاجئ أثار انتقادات روحاني والمرشحين "المحافظين". ويتعين على روحاني بذل جهود كبيرة للدفاع عن حصيلة ولايته، إذ يراها كثيرٌ من مواطنيه متفاوتة، خصوصاً على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وفيما تلقى جهوده لتطبيع العلاقات مع الغرب تأييداً واسعاً؛ فإنها بقيت عاجزة عن تعزيز النمو الضعيف، إلى درجةٍ تحول دون تقليص نسبة البطالة التي فاقت 12%. وفي معسكر "المحافظين"؛ يبرُز رجل الدين الصاعد في السلطة، إبراهيم رئيسي. ويُعتَبر رئيسي مقرباً من المرشد الذي عيّنه في 2016 على رأس مؤسسة "آستان قدس رضوي" الخيرية في مدينة مشهد (شمال شرق). وأكد منظّم جولات سياحية في مدينة يزد (جنوب) أن "رئيسي يبدو شخصاً هادئاً جداً، لكن الذين يحيطون به يثيرون المخاوف". ويتوقع متابعون انسحاب هذا المرشح في اللحظة الأخيرة لصالح رئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف. والأخير حلّ خلف روحاني في انتخابات 2013، التي شهدت كذلك عجز "المحافظين" عن الاصطفاف خلف مرشح واحد. وقد يصبح قاليباف، وهو قائد سابق لجهاز الحرس الثوري والشرطة الوطنية، المرشح الذي يوحّد صفوف "المحافظين". وفي معسكر "المعتدلين" و"الإصلاحيين"؛ يُعتبَر النائب الأول للرئيس، إسحق جهانغيري، مرشَّح دعمٍ لروحاني، خصوصاً للدفاع عن حصيلة حكومته في المناظرات. كذلك؛ قَبِل مجلس صيانة الدستور ترشُّح "الإصلاحي" المغمور مصطفى هاشمي طبا. وتفاوتت ردود فعل الإيرانيين على إلغاء ترشح نجاد، الذي ما زال يتمتع بشعبية لدى الطبقات الفقيرة، رغم حصيلته الاقتصادية السلبية بشكل عام. ورأى محمد برخوردار، وهو شاب يبلغ من العمر 20 عاماً، أنه "ما كان يجدُر منع ترشيح أحمدي نجاد" متابعاً بقوله: "كان رئيساً مستعداً للمجازفة، عبر توزيع المال على الفقراء أو منحهم منازل. كما تمتّع بطموح كبير بشأن البرنامج النووي الإيراني. أما روحاني، فلا يخوض أي مجازفة". لكن قرار الاستبعاد أرضى آخرين. وكتب مغرّدٌ إيراني على حسابه في موقع تويتر: "كان الأجدى منعه من الترشح قبل 12 عاماً"، أي قبل توليه الرئاسة. فعل حسن روحاني الكثير للحفاظ على تحالف "المعتدلين" و"الإصلاحيين" الذي سمح بفوزه عام 2013. ساهم روحاني (68 عاماً) في التوصل إلى الاتفاق "النووي" مع القوى العظمى، ما ساعد في رفع بعض العقوبات الدولية. لكن كثيراً من الإيرانيين لا يلمسون الوعود التي اعتقدوا أنها ستتحقق مع الاتفاق. يُعتبَر إبراهيم رئيسي (56 عاماً) من نتاج النظام المحافظ، وهو رجل دين مقرّب من المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي الذي عيّنه عام 2016 رئيساً للمؤسسة الخيرية التي تحظى بنفوذ "آستان قدس رضوي". وأمضى رئيسي سنوات عدة في سلك القضاء، ولا يتمتع بخبرة سياسية واسعة. ويراه البعض خليفة محتملاً لخامنئي، ويتساءلون لماذا يخاطر بهزيمة سياسية محتملة في الانتخابات الرئاسية. محمد باقر قاليباف عمدة طهران حالياً، وهو واحد من 3 مرشحين من التيار المحافظ. وسبق له أن أخفق مرتين في الانتخابات الرئاسية، لا سيما عام 2013. ويقدم قاليباف (55 عاماً) نفسه كإداري. ويعِدُ بإحداث "5 ملايين فرصة عمل ومضاعفة العائدات مرتين ونصف" للإيرانيين في حال انتخابه، علماً أنه وجّه انتقادات حادة، في الفترة الأخيرة، لحصيلة رئاسة روحاني. يُعتبَر ترشيح نائب الرئيس إسحق جهانغيري مفاجَأة. وهو "إصلاحي" يبلغ من العمر 60 عاماً، ومقرّب من روحاني ويدافع عن حصيلة حكمه. ويمكن أن يكون ترشيحه وسيلة "تموقُع" تحضيراً لانتخابات عام 2021 الرئاسية. كما يمكنه أن يدافع عن سجل الحكومة خلال المناظرات التلفزيونية، لتسهيل مهمة روحاني. مصطفى ميرسليم (71 عاماً) مهندس وقائد سابق في الشرطة، وهو من "التحالف الإسلامي"، أحد تشكيلات "المحافظين" القديمة التي تم استبعادها بعض الشيء من الحياة السياسية خلال السنوات الأخيرة. وعندما توّلى ميرسليم وزارة الثقافة مطلع التسعينيات؛ فرض رقابة أوسع من خلال حظر الأفلام الغربية وإغلاق صحف معارضة. شغل مصطفى هاشم طبا (71 عاماً) عديداً من المناصب السياسية، بما في ذلك نائب الرئيس، وكان مرشحاً للرئاسة في 2001، كما قاد اللجنة الأولمبية الوطنية إبان سنوات الألفين. وشكل اختياره مفاجأة، خصوصاً أن المعلومات عن ترشيحه قليلة جداً. وتبدو خياراته السياسية متناقضة، فقد كان عضواً في حزب مؤيد ل "الإصلاح"، ودعَم المرشحين "الإصلاحيين" في الانتخابات المتنازع عليها في 2009. لكنه أيّد إغلاق الصحف وقمع المعارضين أوائل سنوات الألفين.