لم يكن النجاح الذي حققه أكثر من 23 ألف مهندس وفني سعودي في الشركة السعودية للكهرباء في قيادة أكبر منظومة للطاقة الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو الإنجاز الأبرز للشركة، بل إن إتقان هؤلاء المهندسين والفنيين أعمال الصيانة الخطرة لشبكات نقل الطاقة الكهربائية المترامية في الصحراء الشاسعة بالمملكة، وتحقيق إنجازات علمية وفنية بارزة على المستويين الإقليمي والعالمي بمنزلة نقلة نوعية في قدرة الكوادر الوطنية الشابة على التميُز واقتحام الأعمال الأكثر خطورة على مستوى العالم في مجال صيانة خطوط النقل الهوائية. وفي الحقيقة، فإن الإنجازات تتجاوز فكرة قيادة مهندسي وفني الشركة السعودية للكهرباء من أبناء هذا الوطن أكبر شركة خدمات كهربائية في المنطقة، وإدارة وتشغيل كثير من محطات التوليد ذات التقنيات العالية بالكامل من قبل كوادر وطنية شابة بعد أن بلغت نسبة التوطين في الشركة 90%؛ فتلك الكوادر نجحت في إتقان مهام «مُركبة ومعقدة» تُمثل معضلة لكثير من الدول حتى الآن مثل صيانة خطوط النقل الهوائية للطاقة الكهربائية، التي لا تتمثل صعوبتها فقط في الارتفاع الشاهق لتلك الأبراج، بل في أن عملية الصيانة تتم في وجود الطاقة الكهربائية ذات الجهد الفائق؛ لكي لا يتم قطع الخدمة عن المشتركين بشكل متكرر. ويتسلق فريق المهندسين والفنيين الأبراج التي تبدأ من ارتفاع 30 متراً حتى 86 متراً، والوقوف على أذرع تلك الأبراج بالقرب من الموصلات الحية، ثم يتم رفع المعدات المطلوب تركيبها أو تلك اللازمة للصيانة وتثبيتها على ذراع البرج، ومن ثم البدء في توزيع المهام وتنفيذ أعمال الصيانة المطلوبة مثل إصلاح الموصلات المتضررة واستبدال سلاسل العوازل التالفة، وبعد الانتهاء من أعمال الصيانة لابد من نزول رجال صيانة الخطوط الهوائية على سلاسل والسير على الموصلات الكهربائية في حالة نظام الحزمة والزحف على الموصل في حالة الموصل المفرد. ومثال آخر يكشف عن مدى تفوق وتميز الكوادر الوطنية، وهو قدرة المهندسين والفنيين السعوديين على إدارة وتشغيل واحدة من أكثر محطات التوليد كفاءة في العالم، وهي محطة القرية المركبة، التي يتم إدارتها وتشغيلها بأيدي خبراء ومهندسين وفنيين سعوديين بنسبة مئوية تصل إلى 84% من إجمالي فريق عمل المحطة، فيما سيتم خلال الثلاث سنوات المقبلة إعادة هيكلة فريق العمل ليصبح من الكوادر والكفاءات السعودية بالكامل، بعد أن نجحوا في الوصول بالمحطة إلى تحقيق أرقام قياسية سواء فيما يتعلق بالكفاءة التشغيلية أو بتوفير الوقود المكافئ واستخدام أحدث التقنيات في مجال توليد الطاقة الكهربائية بنظام الدورة المركبة. ونتيجة لهذه الإنجازات في مجال صناعة الطاقة الكهربائية ومشاريعها المختلفة، نجح عديد من المهندسين السعوديين في اقتناص جوائز بارزة بعد تقديم إنجازات فنية وعلمية خلال السنوات الماضية، التي منها على سبيل المثال جائزة معهد «EPRI» المختص بأبحاث الطاقة الكهربائية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك بعد منافسة شديدة مع عدد من شركات الطاقة العالمية الكبرى مثل شركتي (ENEL) الإيطالية و(First Energy) الأمريكية المعروفتين، بعد تفوق مشروع أتمتة الشبكات الذكية والتوزيع وتقنيات العدادات الذكية في الشركة على غيره من المشاريع المنافسة. كما نجحت الشركة العام الماضي بجهود كوادرها الوطنية في الحصول على جائزة دولية للأفكار الإبداعية في مجال توليد الطاقة الكهربائية وتشغيل التوربينات الغازية خلال مشاركتها بمسابقة الأفكار الإبداعية ضمن فعاليات مؤتمر عالمي للأفكار الإبداعية في بريطانيا، وذلك بعد أن نجحت فكرتان لفريق من الخبراء والمهندسين السعوديين في الشركة في توفير عوائد مالية وصلت إلى 2.5 مليون دولار.