إن المبادئ الأخلاقية الأساسية للطب والمهن الصحية تمثل جزءاً لا يتجزأ من المبادئ الأساسية للإسلام باعتباره طريقة حياة، وهذه المبادئ هي التكريم والعدل والإحسان، ونعني بتكريم الإنسان وجوب معاملته باعتباره (شخصاً) أي (فرداً) ذا حقوق، له أن يطالب بها، وعليه واجبات هو (ملزم بأدائها)، كما أن التكريم مبدأ مهم من مبادئ الإسلام، كما أنه أهم مبادئ التعامل مع المريض، فللمريض كل الحق في معرفة كل تفاصيل حالته، وفي تلقي العلاج المناسب، وفي صون أسراره الطبية، وفي الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، كما أن على المريض مع تمتعه بهذه الحقوق واجب الإمساك عن الإضرار بالمجتمع الذي يعيش فيه. ومهنة الطب نشاط بشري حساس يحتاج بطبيعته إلى ترشيد دائم، وتهذيب مستمر، لتكون عن حق، مهنة الرحمة والحنان، ومعنى أنها مهنة الرحمة، فإنه يتوقع منها دائماً أن تحقق الجودة في الرعاية، وتضمن الكرامة للمريض، وتجسد الضمير الحي لدى الطبيب، بل تسهم الإسهام الحقيقي والفاعل في رفع مستوى الحياة للفرد والجماعة على السواء. إنه من الأهمية بمكان الاشتراك مع المسؤولين والمهتمين بأمور الرعاية الصحية في بلادنا في الوعي الحقيقي بأهمية أخلاقيات المهنة، في ممارسات الطب الحديث، وهذه الأهمية إنما تنشأ وتتشكل في واقع الأمر في إطار عدد من العوامل، قد يكون من أهمها تلك التطورات المتلاحقة في علوم الطب، والتقدم الهائل في تقنيات الرعاية الصحية، وكذلك الاتجاهات السائدة في تعليم وتدريب الأطباء، وقبل ذلك الاهتمام الكبير بجلب النخبة الطبية المتميزة من الأطباء والفنيين، ومن كافة التخصصات بما يسهم في تطوير الممارسات الطبية الرشيدة، ومما يبعث على هذا العمل الواجب الديني والوطني. والجوانب الأخلاقية في مجال الرعاية الصحية، وهي هدف وليس شعاراً نسعى إليه، وهذا ما نؤكد عليه دائماً من أن الرعاية الصحية، إلى جانب كونها ركناً أساساً وجوهرياً في مسيرة التقدم والتطور ببلادنا، فإنها يجب أن تحمل في الوقت ذاته، قواعد ثابتة ومبادئ قويمة، تتجسد فيها وبالدرجة الأولى، أخلاقيات مهنة الطب بما تشتمل عليه من التمسك بالقيم الإنسانية العليا والمبادئ الأخلاقية الرفيعة.