اللحظات المفصلية التي نعيشها أو نشاهدها تحدث على مرأى منّا هي اختبار تقدمه لنا الحياة لتقيس عمق خبراتنا التي ما فتئت تزودنا بها من خلال الأحداث التي تراكمت تباعاً خلال سنوات عمرنا الماضية. اللحظة. وقفت الفنانة الأدائية والتشكيلية البريطانية Rachel Gagdsen على مسرح مفتوح في الهواء الطلق في التاسعة مساءً لتؤدي وصلة من الأداء السريالي تحت اسم (عرض شمال)، هذا العرض الذي يحاكي رحلة حياة صقور الصيد، التي تبدأ بصيد الصقر نفسه ومن ثم تربيته واستئناسه ومن ثم استخدامه كآلة صيد وكتابع لأسلوب حياة معينة لا تزال رائجة هنا وكذلك في دول الخليج، وتجربة الصيد بالصقور التي يراها المدافعون عنها أنها تجربة صُحبة تقوم بين الصقار والصقر وعلاقة حب تم نقضها بالكامل من خلال عرض راتشيل الحزين جداً. والفنانة التي أظن أنها في العقد الخامس أو السادس من عمرها والحاصلة على الدكتوراة الفخرية من جامعة لندن عن مجمل العروض والرؤى الفنية التي تقدمها، أدت هذا العرض ضمن فعاليات مسك آرت وأمام جمهور سعودي بحت جاء يبحث عن الفن، جاء يتلمس طرقاً جديدة لم يألفها في الترفيه، جمهور قد لا يكون جُله فناناً ولكنه في حده الأدنى إن لم يكن متذوقاً للفن فسيكون منفتحاً على كل الخيارات المطروحة في هذا العرض، الشاهد أنه خلال العرض الذي بث رسائل حسية غير مباشرة استطاعت راتشيل أن تنتزع اهتمام كل الجمهور.. حرفياً كل الجمهور الذي وقف مشدوهاً لا يعي ماذا تفعل هذه السيدة التي تنثر الطبشور الأبيض في أرجاء المسرح وتهمهم بكلمات بين العربية والإنجليزية وتكاد تبكي من فرط معايشة الدور، ومع ذلك لم يرف له جفن ولم يغادر بل تجمد في مكانه حتى نهاية العرض الذي لم يعِ أنه انتهى إلا حينما غادرت راتشيل المسرح. جمان: لحظات التنوير هي التي لا يمكننا أن نفسرها في حينها، ولكننا نعرف يقيناً أننا بعدها ليس كما عهدنا حالنا. التغيير قادم لا محالة!