أفاد المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، بدخوله أمس في جوهر مفاوضات السلام السورية وليس جدول الأعمال، فيما كشف عن قبوله دعوة للمشاركة في لقاءاتٍ على هامش القمة العربية. وأجرى المبعوث لقاءين منفصلين الجمعة مع وفدي نظام بشار الأسد والمعارضة إلى الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف للسلام، في حين تواصلت المعارك في محافظة حماة. وأعلن رئيس الوفد المعارض، نصر الحريري، أن المباحثات مع دي ميستورا كانت مثمرة. وأكد، خلال مؤتمر صحفي عقب اللقاء، تَحدُّث الوفد عن تشكيل هيئة الحكم الانتقالية، مصرّحاً «نحن هنا لتخليص بلادنا من الإرهاب»، مشيراً إلى إرهاب «داعش» و»إرهاب الدولة» متمثلاً في قوات الأسد المدعومة بالميليشيات الإيرانية. ورأى الحريري أن «سوريا لن تتخلص من إرهاب داعش قبل أن تتحرر من إرهاب الأسد»، متابعاً أن الجيش الحر يخوض معاركه لحماية المدنيين من إرهاب النظام. في المقابل؛ تحدث رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، عن بدء جدول أعمال «جنيف 5»، المؤلف من 4 سلال رئيسة، ببند «مكافحة الإرهاب». والسلال الثلاث الأخرى هي «الحكم» و«الدستور» و«الانتخابات». وكان المبعوث الأممي أعلن في مطلع مارس الجاري أن البحث في العناوين الأربعة سيتم «بشكل متوازٍ». ولفت المبعوث، في تصريحات مسائية الجمعة، إلى «حرص كل الوفود على حضور المفاوضات وعدم تهديدها بالانسحاب»، موضحاً «تطرقنا اليوم إلى جوهر المحادثات ولم نبحث جدول الأعمال»، و«سنواصل النقاشات السبت مع الحضور». وأعلن دي ميستورا موافقة ممثلي النظام على التطرق إلى كافة السلال «رغم تركيزهم على التطورات الأمنية». وانطلقت «جنيف 5» أمس الأول بمحادثات تمهيدية أجراها مساعد دي ميستورا، رمزي عز الدين رمزي، مع المشاركين في مقار إقاماتهم، تمهيداً ل «الانطلاق في النقاشات الجوهرية». والتقى دي ميستورا الوفدين المفاوضين، الجمعة، في مقر الأممالمتحدة في المدينة السويسرية، غداة عودته من جولة خارجية شملت عواصم عدة بينها موسكو وأنقرة، على أن يتجه، الإثنين، إلى الأردن لعقد لقاءات على هامش قمة قادة الدول العربية. فيما سينوب عنه، في جنيف، مساعده. ووفق تقدير وكالة الأنباء «فرانس برس»؛ تبقى إمكانية تحقيق اختراق جدي في «جنيف5» محدودةً في ظل استمرار التباين في وجهات النظر حيال الأولويات. ولفتت الوكالة إلى تمسك وفد المعارضة بأولوية بحث الانتقال السياسي بوصفه مظلّة جامعة للعناوين الأخرى، في حين يصر وفد النظام على «أولوية مكافحة الإرهاب». واعتبر العضو في الهيئة السياسية للائتلاف المعارض، ياسر الفرحان، تطبيق الانتقال السياسي عبر المفاوضات الجارية مفتاحاً لجميع السلال. ورأى الفرحان أن «خلاص سوريا من إرهاب داعش لن يتم ما لم نتحرر من الأسد ونظامه». وصرّح الجمعة «نقبل تركيز المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا على قرار مجلس الأمن 2254 ليكون أساس الأعمال على ألا يتجاوز باقي القرارات» و«نريد أن ندخل في مضمون المفاوضات دون أن تشغلنا ذرائع النظام». وعلق عضو الهيئة السياسية على المعارك التي اندلعت مؤخراً في أحد أنحاء دمشق بالقول «الثوار يحاربون دفاعاً عن شعبهم، لمنع التطهير العرقي الذي يمارسه الأسد، ولتحرير البلاد من إرهاب النظام وداعش والميليشيات الإيرانية»، متهماً النظام بالتحضير «لتهجير آلاف من السوريين من منازلهم في الغوطة (في دمشق) كما فعل في شرق حلب والوعر (في حمص) ومناطق أخرى». واعتبر الفرحان ممارسات التهجير جريمة حرب ترقى إلى الإبادة، و»لا يمكن أن نتوقع من شعبنا أن يجلس وينتظر ما سيحدث». ميدانياً؛ ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الفصائل المعارِضة التي بدأت الثلاثاء هجوماً كبيراً في محافظة حماة؛ ركزت أمس على قرية قمحانة التي تبعد نحو 8 كيلومترات شمالي مدينة حماة (مركز المحافظة). ولفت المرصد إلى استعادة الفصائل السيطرة، إثر الهجوم، على 11 قرية وبلدة على الأقل. في الوقت نفسه؛ قال الائتلاف المعارض، عبر موقعه الإلكتروني، إن كتائب الجيش الحر في ريفي المحافظة الغربي والشمالي سيطرت، منذ الثلاثاء، على 21 مدينة وقرية ودمرت 12 حاجزاً ونقطة عسكرية للنظام والميليشيات الإيرانية، كما تمكنت من تدمير مقاتلتين كانتا رابضتين في مطار حماة العسكري. ومن بين القرى التي أفاد موقع الائتلاف بسيطرة الكتائب عليها الإسكندرية وكوكب وشيزر. ووفقاً للموقع؛ تشارك في الهجوم فصائل معارضة هي «أحرار الشام» و»جيش العزة» و»الفرقة الوسطى» و«أبناء الشام». وخلال الأيام الثلاثة الماضية؛ تجاوز عدد القتلى في صفوف قوات الأسد في ريف حماة 150 قتيلاً، بحسب الائتلاف، الذي أشار، كذلك، إلى مقتل ما يزيد على 50 من عناصر الميليشيات الإيرانية وتدمير أكثر من 25 دبابة وآلية كان النظام يستخدمها لاستهداف قرى وبلدات الريف الحموي. يأتي ذلك فيما أبلغ مصدر عسكري، من النظام، وكالة الأنباء «رويترز» بمشاركة مقاتلات روسية في ضربات جوية لصد هجوم المعارضة قرب مدينة حماة. والهجوم، الذي يعد الأكبر لمقاتلي المعارضة منذ شهور، كشف عن صعوبات يواجهها جيش الأسد والميليشيات الداعمة له في ظل خوض معارك على جبهات عديدة. ونقلت «رويترز» عن المصدر العسكري التابع للنظام قوله صباح الجمعة «بدأ الآن توجيه الضربات الجوية ورمايات المدفعية المركزة .. تمهيداً للانتقال إلى الهجوم المعاكس». في غضون ذلك؛ أفادت قناة «الجزيرة»، عبر موقعها الإلكتروني، بتجدد الاشتباكات في شرق دمشق بين قوات النظام، مدعومةً بميليشيا «النجباء» العراقية، وفصائل معارِضة. ونقل الموقع عن مراسل القناة أن الاشتباكات تجددت بعدما صدت المعارضة هجوماً واسعاً لقوات النظام، من جهة كراجات العباسيين ومصنع الغزل والنسيج. ولاحظ المراسل أن المعارك تخللها قصف جوي ومدفعي استهدف مواقع للمعارضة في حي جوبر الدمشقي ومدينة عربين في الغوطة الشرقية المُحاصَرة، من قِبَل النظام، وتسبب في إصابة مدنيين. ويعني ذلك أن الاشتباكات، الأعنف في شرقي دمشق منذ نحو عامين، تواصلت لليوم السادس على التوالي. على صعيدٍ آخر؛ أفاد مسؤولون محليون في «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أمريكياً؛ بوصولها في وقت سابق أمس إلى سد الطبقة. وكان الوصول إلى السد أحد أكبر المهام في حملة هذه القوات لطرد تنظيم «داعش» الإرهابي من مدينة الرقة القريبة، في شمال سوريا. وتحالف «قوات سوريا الديمقراطية»، المعتمد بالأساس على وحدات الحماية الكردية فضلاً عن مجموعات مقاتلة عربية، يخوض مواجهات ضد «داعش» ويقول إنه بعيد عن المعارك بين النظام والمعارضة. وأعلنت المتحدثة باسم «حملة الرقة- غضب الفرات» في هذا التحالف، جيهان شيخ أحمد، أن قواته تقاتل التنظيم عند مدخل سد الطبقة. ويمتد السد، وهو الأكبر على نهر الفرات، لمسافة 4 كيلومترات عبر النهر إلى الضفة الجنوبية، وهو واحد من عدد قليل من نقاط العبور المتبقية بعد تدمير كثيرٍ من الجسور خلال الصراع. وتقع مدينة الطبقة على بعد نحو 40 كيلومتراً غربي الرقة التي تقع على الضفة الشمالية للفرات ويتخذها «داعش» قاعدة رئيسة لعملياته، ومنها تخطيط وتوجيه الهجمات في الخارج. وشنت «قوات سوريا الديمقراطية»، العام الماضي، عملية لعزل الرقة، بمساعدة ضربات جوية من التحالف الدولي ضد «داعش» وقوات خاصة أمريكية على الأرض. وفي وقتٍ سابقٍ الجمعة؛ أعلن وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لو دريان، الذي تشارك بلاده في التحالف الدولي بقيادة واشنطن أن معركة استعادة الرقة قد تبدأ على الأرجح في الأيام المقبلة. وأبلغ الوزير محطة «سي. نيوز» التليفزيونية بقوله «لطالما قالت فرنسا إن الرقة هدف رئيس .. اليوم يمكن للمرء أن يقول إن المدينة محاصرة. والمعركة من أجلها ستبدأ خلال الأيام المقبلة». وشدد «ستكون معركة صعبة جداً لكنها ستكون معركة ذات أهمية قصوى»، لأنه «وبمجرد سيطرة القوات العراقية على أحد المعقلين (الموصل شمالي العراق) والتحالف العربي الكردي على الآخر (الرقة)؛ فإن داعش سيواجه صعوبة حقيقية في الاستمرار». والأسبوع الفائت؛ أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن التحالف الدولي ضد «داعش» أنزل للمرة الأولى قوات برية (من قوات سوريا الديمقراطية) خلف خطوط العدو قرب بلدة الطبقة التي يسيطر عليها التنظيم، ما اعتُبِر فتحاً لجبهة جديدة في حملة استعادة الرقة. وتقدمت «قوات سوريا الديمقراطية»، خلال الأشهر الماضية، نحو الرقة، وقطعت كافة طرق الإمداد الرئيسة عن «داعش» من الجهات الشمالية والغربية والشرقية، وهي موجودة حالياً، بحسب «فرانس برس»، على بعد 8 كيلومترات من الجهة الشمالية الشرقية في أقرب نقطة لها من المدينة. واعتبرت المتحدثة جيهان شيخ أحمد أن «المدة الزمنية للمعركة مرتبطة بمدة نجاح المخطط العسكري ومجريات المعركة»، إلا أنها توقعت «ألا تطول كثيراً»، وقالت «هي مسألة أشهر لتحرير مدينة الرقة بالكامل». وذكر طلال سلو، وهو متحدث آخر من «قوات سوريا الديموقراطية»، أن «إتمام عملية الإطباق على المدينة يحتاج لأسابيع، ما من شأنه أن يهيئ الأمور لإطلاق المعركة رسمياً». ووفقاً لشيخ أحمد؛ فإن المعارك تتركز حالياً في ريف الرقة الشرقي والريف الغربي».