في فيلمه الأخير (أسوار) المبني على مسرحية لأوغست ويلسون، قام دنزل واشنطن بصلب العنصرية، ثم جلَدها بكل ما يستطيع من قوة. القصة تدور في عالم الأفرو/ أمريكان، وكيف عاشوا خلال النصف الأول من القرن العشرين، وكيف أنهم كانوا يسيرون على الأقدام من ولايات الفلاحين في الجنوب، قاطعين كل تلك المسافات الطويلة نحو الشمال والشرق والشمال الشرقي، بحثاً عن عالم أكثر إنصافاً وفرصاً للعمل، وأن كثيرين منهم ماتوا في الطريق. (تروي) كان لاعب بيسبول لا يزال مسكوناً بأن البيض لم يسمحوا له بأن ينال فرصته، وفضلوا عليه لاعباً أبيض أقل قدرة منه، رغم أنه كان مميزا في استخدام المضرب. – الرجل الأبيض لن يسمح لك بمزاولة الرياضة إلا إذا كنت أفضل منه مرتين، فالتفوق المجرد لا يكفي لكي تحصل على شيء مما تستحق. القضية ليست في قدرتك على اللعب، القضية هي هل سيتركونك تلعب أم لا. ينتهي المطاف ببطل البيسبول الذي لم ينل فرصته ليصبح زبالاً، ولا يمنعه هذا من الاستمرار في إطلاق احتجاجاته متسائلا: لماذا يقود البيض شاحنة الزبالة، بينما ينحصر عمل السود في حمل البراميل وتفريغها، لم لا يسمح لهم بقيادة الشاحنة؟ حياة (تروي) تنتهي في الخمسينات، بمعنى أنه لم يدرك مارتن لوثر كنج وحركة الحقوق المدنية في الستينيات. (تروي) كان أحد المحتجين الأوائل على كل تلك الممارسات غير الإنسانية. لقد أصبحت البراميل ثقيلة مع مرور السنين واحتجاجات (تروي) أوصلته إلى أن ترقى فأصبح يقود الشاحنة. في أواخر حياة (تروي) يميل لبناء أسوار حول بيته الصغير الفقير ليحمي نفسه ومن ينتمون إليه ويُبعد خارج الأسوار من يُغضبونه وإن كانوا من أبنائه. لم يكن هناك سبب حسي مادي لبناء تلك الأسوار، لكن كانت علاقة فريدة تربط بطل البيسبول بالموت، «الموت ليس سوى كرة سريعة تنطلق نحو منطقة الصدر، وعندما تأتي سوف أضربها بمضربي لتطير بعيدا». كان هذا مجرد كلام يقال لا يعبر عن حقيقة الموقف، فعندما يحمل (تروي) ابنته الصغيرة يقول لها «إن أباك رجل ضخم وقوي.. لكنه يشعر بالخوف أحياناً». لقد أبدع دنزل في هذا الفيلم وكان الأولى بالفوز بكل الجوائز، إلا أن الأوسكار جائزة مسيسة وتتأثر بمزاج المشرفين على الجائزة، ومزاجهم قد مال هذه السنة لمنح الجائزة للفتى الهندي/ البريطاني الذي يعود لاستكشاف أصوله في الهند، رغم أن القصة والأداء لم يحملا أي شيء يُذكر سوى استدرار الدموع. لقد جاء (أسوار) بعد انتهاء حقبة أوباما، وبالتالي ستعود سينما السود إلى التراجع من جديد، بعد أن عاشت حقبة ذهبية منذ بداية الألفية الثالثة. لقد أبدع دنزل في محاكمة الظلم، ليستمر في سرد قصة المظلومية عندما يتحول المظلوم إلى ظالم، فعلاقة (تروي) بزوجته الطيبة تنطوي على كثير من الإجحاف عندما يجلب إلى بيتها طفلة له من علاقة غير شرعية. وعندما يموت أخيراً تعلن الزوجة ما كان مكتوماً «لقد كان ضخماً للغاية لدرجة أنه لم يترك لي مساحة».