شدد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على أهمية تبادل الزيارات بين المسؤولين ورجال الأعمال السعوديين والصينيين؛ كونها تساعد في تنمية العلاقات لما فيه مصلحة البلدين والشعبين. وأوضح الملك لدى تشريفه أمس في بكين حفل المنتدى الاستثماري السعودي – الصيني «نحن نهتم أن يكون لنا مصالح ولمن يعمل معنا مصالح كذلك»، معرباً عن سعادته بالوجود في المنتدى وبالتعاون بين البلدين وتبادل المنافع بينهما. وأسفر المنتدى عن توقيع 21 اتفاقية استثمار على الأقل؛ ومَنحِ ترخيصين لشركتين صينيتين كبيرتين للعمل في المملكة بملكية كاملة. واطّلع خادم الحرمين، خلال الحفل، على مجسمٍ لمصفاة شركة «فوجيان» للتكرير والبتروكيماويات «فريب»، ونماذج لمشاريع شركة «سابك» السعودية في المملكة والصين ومنتجاتها التي تدخل في صناعة البتروكيماويات والسيارات. ومصفاة «فريب» مشروع مشترك بين شركة «أرامكو السعودية – آسيا المحدودة»، وشركة «فوجيان» للبتروكيماويات المحدودة، وشركة «إكسون موبيل الصين» للنفط والبتروكيماويات. وأكد الملك بعد اطّلاعه على نماذج المشاريع «أنا سعيد بهذه الزيارة. وإن شاء الله تكون فيها زيادة خير للعلاقات بين بلدينا في كل المجالات»، فيما تشرّف رؤساء كبرى الشركات الصينية بالسلام عليه. وكان في استقبال الملك لدى وصوله إلى مقر الحفل وزير الاقتصاد والتجارة الصيني، تشونج شان، ووزير الاقتصاد والتخطيط، المهندس عادل بن محمد فقيه، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى الصين، تركي الماضي، وسفير الصين لدى المملكة، لي هواشين. وعدّ نائب رئيس مجلس الغرف السعودية، صالح العفالق، تشريف خادم الحرمين المنتدى دلالةً كبيرةً على مدى اهتمامه بمجتمع الأعمال السعودي الصيني ورعايته الدائمة للقطاع الخاص وأنشطته في كافة المجالات. ولاحظ العفالق، في كلمةٍ خلال الحفل، أن العلاقات السعودية الصينية تشهد «نقلة نوعية، وتطوراً كبيراً، ونمواً مطرداً، وتعاوناً لافتاً» على مدى أكثر من 25 عاماً؛ إذ شملت جميع المجالات و»زادت في رسوخها وصلابتها على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي يمر بها العالم اليوم». وتوجّه خادم الحرمين، لاحقاً، إلى القاعة الرئيسة للمنتدى؛ حيث تشرّف رجال الأعمال السعوديين المشاركين بالسلام عليه. وبعد أن أخذ مكانه في المنصة الرئيسة؛ شاهد الملك والحضور فيلماً مصوراً عن المملكة ورؤيتها لعام 2030؛ وعن مبادرة «الحزام والطريق» الصينية. واستعرض الفيلم التجربة الاقتصادية السعودية في الصين، والقواسم المشتركة في تشجيع بيئة الاستثمار المشترك بين البلدين الصديقين. وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الصيني، في كلمةٍ بعد ذلك، أن زيارة الملك سلمان إلى الصين تأتي في وقت مهم، لتعزيز أواصر العلاقة التاريخية بين البلدين والرفع من مستوى التعاون خصوصاً في المجال الاقتصادي والتجاري. وأفاد الوزير تشونج شان بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل في عام 2016م إلى مستويات قياسية تدل على نمو وتطور العلاقات. وأوضح بعدما رحب بالملك والحضور «تستثمر كثير من الشركات في البلدين في (العمل في) مختلف المجالات، ومن أهمها البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا والبتروكيماويات». وأشار شان إلى بذل بلاده كافة جهودها لتنمية العلاقات مع المملكة وفق «رؤية المملكة 2030» ومبادرة «الحزام والطريق»، مؤكداً «المملكة والصين تجمعهما علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تهدف إلى تحقيق آمال وطموحات الشعبين الصديقين». فيما اعتبر وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، المهندس عادل فقيه، المنتدى الاستثماري المشترك خطوةً جديدةً لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري الذي امتد إلى عقود طويلة بين البلدين. وأوضح في كلمةٍ له خلال المناسبة نفسها «جمهورية الصين الشعبية دائماً محط اهتمام المملكة، كما كانت المملكة محط اهتمام جمهورية الصين الشعبية». ووصف فقيه الصين بأحد «أبرز شركائنا التجاريين». ولفت إلى أهمية دورها الاقتصادي في العالم ومنطقة الشرق الأوسط؛ «حيث أصبحت الشريك الاقتصادي الأول للمملكة في عام 2016م». ولاحظ فقيه أن العلاقات بين البلدين شهدت خلال الفترة الماضية حراكاً كبيراً على كافة المستويات. وأبان «نتج عنه تشكيل اللجنة السعودية الصينية رفيعة المستوى». ويرأس ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، اللجنة من الجانب السعودي. وستعمل اللجنة، بحسب ما أفاد المهندس فقيه، على «تحقيق التكامل بين رؤية المملكة 2030 ومبادرة جمهورية الصين الشعبية (الحزام والطريق)»، و»ستكون شراكة استراتيجية ناجحة؛ حيث تمتلك المملكة العربية السعودية كل مقومات النجاح، كما تمتلك موقعاً جغرافياً مميزاً سيكون له الأثر المميز على تنمية العلاقات التجارية وتقديم خدمات الدعم اللوجستي والبنية التحتية». وتطلّع فقيه إلى إسهام المنتدى الاستثماري في إيجاد شراكات جديدة ذات قيمة مضافة تخدم المصالح المشتركة. وكان قد بدأ كلمته بالقول «إنه لشرف كبير لنا أن ترعوا يا خادم الحرمين الشريفين – أيدكم الله – اختتام أعمال المنتدى الاستثماري السعودي الصيني وهو دليل جلي على دعمكم لرجال الأعمال السعوديين وللاقتصاد السعودي». وحضر حفل المنتدى الأمير خالد بن فهد بن خالد، والأمير منصور بن سعود بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، والأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز، والأمير طلال بن سعود بن عبدالعزيز، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز، ورئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان، والأمير سطام بن سعود بن عبدالعزيز، ورئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد، والمستشار في الديوان الملكي، الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير منصور بن مقرن بن عبدالعزيز، والمستشار في الديوان الملكي، الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، والأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبدالعزيز، والأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز، والأمير سعود بن سلمان بن عبدالعزيز، والأمير نايف بن سلمان بن عبدالعزيز، والأمير راكان بن سلمان بن عبدالعزيز، والوزراء أعضاء الوفد الرسمي. وكانت منظومة التجارة والاستثمار السعودية نظمت المنتدى الاستثماري المشترك في بكين بالشراكة مع مجلس الغرف التجارية السعودي، على هامش الزيارة الملكية. وسلّط المنتدى، الذي اختتم أعماله الخميس، الضوء على الفرص الاستثمارية في «رؤية المملكة 2030». وبحث، في الوقت نفسه، تعزيز التعاون في مختلف القطاعات والتبادل التجاري والاستثماري، وحضره مسؤولون ورجال أعمال من البلدين. وقدمت منظومة التجارة والاستثمار السعودية، ممثَّلةً في الهيئة العامة للاستثمار، عرضاً للجانب الصيني عن أهداف «رؤية المملكة 2030» والفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات، كما عُقِدَ اجتماعٌ لمجلس الأعمال السعودي – الصيني. وشهد المنتدى إصدار الهيئة العامة للاستثمار في المملكة رخصة استثمار بملكية كاملة لشركة «زد تي إي» الصينية. وبناءً على ذلك؛ ستمارس «زد تي إي» النشاط التجاري في المملكة. ومن المقرر أن تنشئ الشركة مصنعاً، في المملكة، للعدادات الذكية وأجهزة موجات الميكروويف باستثمارات قدرها 200 مليون ريال خلال 5 سنوات. وتعد «زد تي إي» إحدى الشركات الرائدة عالمياً في صناعة الأجهزة الذكية والتقنية، وتبلغ مبيعاتها السنوية 15 مليار دولار. إلى ذلك؛ منحت الهيئة العامة للاستثمار ترخيصاً تجارياً بملكية كاملة لشركة «شاندونج تايجون إليكتريك» الصينية المتخصصة في تنفيذ وصيانة وتشغيل الأعمال الكهربائية والصناعية. وتعد «شاندونج تايجون إليكتريك» إحدى أكبر الشركات في مجالها، فيما يُقدّر حجم السوق السعودي السنوي في المجال نفسه بحوالي 19 مليار ريال. وعلى هامش المنتدى؛ وقعت شركات قطاعٍ خاص في البلدين 21 اتفاقية استثمارية، شملت مجالات الاستثمار والطاقة والبتروكيماويات والمقاولات وتقنية الاتصالات. وسيمتد التعاون بين الجانبين إلى مجالات البناء بتقنية ال 3D، وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة المتجددة، والهندسة الآلية، ومجالات أخرى. وفي مجال استكشاف التعاون الاستراتيجي وفرص الاستثمار في التكرير والتسويق والبتروكيماويات؛ وقعت «أرامكو» اتفاقية مع شركة (NORINCO)، فيما وقعت اتفاقية مع شركة (AEROSUN) بخصوص استكشاف فرص الاستثمار في المملكة في مجالات الهندسة والتصاميم وتصنيع الأنابيب والأبحاث والتطوير. في حين وقعت الهيئة الملكية للجبيل وينبع اتفاقية مع شركة (PAN-ASIA)؛ لتخصيص موقع لمعمل جازان البتروكيماوي بحجم استثمار يُقدّر بملياري دولار. ووقعت الهيئة اتفاقيتين أخريين مع شركة «هواوي» الصينية؛ لإنشاء مركز ابتكارات لخدمات المدن الذكية ومركز «هواوي» للتدريب في مدينة ينبع الصناعية. وحجم التبادل التجاري بين المملكة والصين بلغ 184 ملياراً و467 مليون ريال في 2015م، منها 92 ملياراً و398 مليوناً في صورة واردات من الصين و92 ملياراً و69 مليوناً في صورة صادرات سعودية.