لفت وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور نزار مدني، إلى التقاء وجهات النظر بين المملكة واليابان حول أهمية التوصل إلى حلول سلمية للنزاعات في الشرق الأوسط؛ في إطار الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وأفاد الوزير، خلال مؤتمر صحفي أمس في طوكيو بحضور عددٍ من وسائل الإعلام اليابانية، بأن المباحثات أمس الأول بين خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس وزراء اليابان، شينزو آبي، ناقشت عدداً من المواضيع؛ بينها الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية وسوريا واليمن وغيرها. وشددت المباحثات نفسها على أهمية المساهمة في إيصال المساعدات الإغاثية إلى شعوب الدول المتضررة من الأزمات. وأوضح مدني: «كان هناك التقاء في وجهات النظر بين الجانبين حول أهمية التوصل إلى حلول سلمية لهذه النزاعات في إطار الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة». وتطرق الجانبان إلى ظاهرة الإرهاب «حيث كان هناك التقاء في وجهات النظر بين الجانبين على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة لمحاربته بكافة أشكاله وصوره وأياً كان مصدره». كما «التقت وجهات النظر بين البلدين على ضرورة إزالة جميع الأسباب التي تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار على المستوى الدولي أو الإقليمي كالتطرف والإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول». وأشار وزير الدولة للشؤون الخارجية إلى ارتباط المملكة بعلاقات واسعة وقوية مع مختلف دول العالم سواءً في الشرق أو الغرب. وأكد: «المملكة تتعامل مع أصدقائها بناءً على المصالح المشتركة والعلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربطها بتلك الدول بما يضمن تحقيق المصالح المشتركة ويحقق الأمن والسلم الدوليين». وتحدث مدني عن زيارة خادم الحرمين الشريفين الرسمية إلى اليابان. وأبان أنها تنطلق من روابط الصداقة المتينة بين البلدين؛ وتهدف إلى ترسيخ العلاقات الثنائية وتطويرها إلى آفاق أوسع خدمةً للمصالح المشتركة. وخلال اليومين الماضيين؛ التقى الملك سلمان إمبراطور اليابان أكيهيتو، وتسلم منه الوسام السامي «زهرة الأقحوان»، كما أجرى مباحثاتٍ مع رئيس وزراء اليابان، والتقى وزيري الخارجية والتجارة والاقتصاد اليابانيين. ووصف مدني المباحثات بين الملك وآبي بالبنّاءة. وأوضح: «اتسمت بعمق التفاهم وتبادل وجهات النظر حول سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وتكثيف التعاون في المجالات كافة»، مشيراً إلى امتلاك البلدين الصديقين عديداً من الإمكانات التي من شأنها ترجمة أهداف الزيارة إلى نتائج ملموسة؛ ستكرّس المصالح المتبادلة وترتقي بالتعاون الثنائي إلى مستوى تطلعات الحكومتين والشعبين. وأكد مدني أهمية تبادل الزيارات الرسمية بين مسؤولي البلدين ورجال الأعمال فيهما. وقال إن من شأن ذلك الإسهام في تطوير العلاقات في شتى المجالات، وزيادة الاستثمارات المشتركة، واستكشاف الفرص المتاحة في ضوء «رؤية المملكة 2030». وأشار مدني إلى الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعها البلدان يومي أمس وأمس الأول. والإثنين؛ وقع البلدان 4 مذكرات، فيما وقعا الثلاثاء 6 أخرى. ولاحظ مدني تنوع الاتفاقيات وشموليتها لعديدٍ من المجالات. وفصّل في الحديث، أمام وسائل الإعلام، عن «رؤية المملكة 2030» و»الرؤية السعودية- اليابانية 2030». وأبان أن «رؤية المملكة 2030» تعتمد على 3 محاور أساسية هي «مجتمع حيوي» و»اقتصاد مزدهر» و»وطن طموح»؛ وتحمل محددات نهضة المملكة في التعليم والاقتصاد والمجالات الأخرى. وتابع: «هي تعد بداية عملية لمستقبل نهضة المملكة بالاعتماد على الإنسان الذي صدرت هذه الرؤية في الأساس من أجله»، مؤكداً أنها لا تعتمد على النفط كمصدر وحيد للثروة «لكنها ستعمل على تنويع مصادر الثروة من خلال استنهاض مكنونات المبادرة الإنسانية لدى الفرد والمجتمع» و»بهذا التلاحم؛ ستتوفر البيئة المناسبة لتحقيق أهداف هذه الرؤية التي تتطلب فتح مزيدٍ من الجامعات ومراكز البحث العلمي وتنويع مصادر الطاقة وإيجاد نهضة صناعية جديدة ومتجددة». ولفت الوزير إلى عمل الرؤية على زيادة العائدات غير النفطية 6 أضعاف، وتحويل صندوق الاستثمار العام إلى صندوق للثروة السيادية تبلغ أرصدته 2.5 تريليون دولار أمريكي، و»بهذه القيمة سيكون هذا الصندوق أكبر صندوق سيادي في العالم». في الوقت نفسه؛ شرح مدني أن «الرؤية السعودية اليابانية 2030» تستهدف إرساء رؤية للشراكة بين البلدين والتعاون في تنفيذها «لتحقيق الرؤى الاقتصادية والاجتماعية الوطنية للبلدين بناءً على فهم القواسم المشتركة وتفعيل العلاقة التكاملية وتعظيم الشراكات التعاونية». وبحسبه؛ يستند التعاون في تحقيق الرؤية المشتركة إلى أسس عدة؛ منها التنوع بغرض تحقيق النمو المستدام من خلال تأسيس قاعدة صناعية واسعة وموثوق فيها. وتشمل الأسس الابتكار لتعزيز القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية، والقيم الناعمة لتنشيط التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وأفاد مدني بأن قصة «الرؤية السعودية اليابانية 2030» تعود إلى شهر سبتمبر الماضي حينما زار ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، اليابان في زيارة رسمية استهدفت بحث فرص تعزيز التعاون بين البلدين. وجرى آنذاك توقيع 7 مذكرات تفاهم حكومية، كما عبر رئيس الوزراء الياباني عن ترحيب بلاده ب «رؤية المملكة 2030»، مبدياً رغبته في بحث مجالات الشراكة بشأنها. وفي أكتوبر من العام نفسه؛ عرضت 38 شركة يابانية 36 فرصة للتعاون في مجالات الطاقة والصناعة والطاقة المتجددة والبنية التحتية والترفيه، في إطار مبادرة من اليابان للإسهام في تحقيق «رؤية المملكة 2030». وأوضح مدني: «في وقت لاحق من نفس الشهر؛ تم عقد الاجتماع الأول للجنة السعودية اليابانية المشتركة؛ لبحث آلية تعاون تقوم على الممازجة في الفرص التي تتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030 وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الياباني، واتفق الطرفان على تطوير رؤية مشتركة تحمل اسم الرؤية السعودية اليابانية 2030». وفي ال 20 من فبراير الماضي؛ وافق مجلس الوزراء في المملكة على تفويض وزراء الاقتصاد والتخطيط والتجارة والاستثمار والطاقة والصناعة والثروة المعدنية بالتباحث مع الجانب الياباني في شأن مذكرة تعاون حول الرؤية المشتركة. و«يوم أمس، كما شاهد الجميع، تم تتويج كل هذه الجهود والتوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين حكومتي البلدين لتنفيذ الرؤية السعودية اليابانية 2030»، بحسب ما أبان مدني.