عندما كان كثير من الناس في زحام يتهافتون للحصول على رقم بيجر حتى وإن كان استخدامه لا يتعدى في كثير من الأوقات حدود طلب نداء آلي لأحد الأشخاص؛ ليصبح إحدى الوسائل التي يفضلها الشباب لادعاء الأهمية في المناسبات الاجتماعية، سواء بالطلب المسبق من زميل آخر أو تكرار المناداة للتفاخر أمام الآخرين وادعاء الأهمية أو للتملص من الجلوس لفترات طويلة بزعم حدوث ظرف طارئ وضرورة الاتصال. هذه الوسيلة التي مضى على دخولها للمملكة أكثر من ربع قرن جاءت متزامنة بولادة أحد أشهر اللاعبين السعوديين الذين خدموا كرة القدم السعودية عبر الأندية التي لعب لها أو حتى عبر المنتخبات الوطنية بفئاتها السنية المختلفة. حسين عبدالغني هذا اللاعب الأشهر من نار على علم الذي مازال يلعب إلى الآن،بزغ نجمه من خلال تسجيله الهدف الذهبي في مرمى المنتخب العراقي الذي من خلاله تأهل المنتخب السعودي إلى أولمبياد أتلانتا 96م. وقتها كانت الأخبار تتناقل بين الأصدقاء والأحبة عن تأهل المنتخب من خلال اتصالات البيجر والهاتف لتخبر بتأهل المنتخب إلى هذا المحفل والإشادة باللاعب حسين عبدالغني الذي أعطى التأهل والفرحة للجميع من خلال تسجيله هذا الهدف. تنوعت وسائل الاتصال وتطورت كثيراً بدخول الجوال وتعدد أجهزته إلى وصولها للأجهزة الذكية ودخول الإنترنت بشكل واسع وانتشرت وسائل التواصل الاجتماعي، وبقي حسين عبدالغني ذلك اللاعب المشاكس تارة والمتألق تارة أخرى والمظلوم حسب راية مرات عدة. حسين عبدالغني ومن خلال ربع قرن لاعباً لكرة القدم لم تخلُ مسيرته من الإنجازات ومن الإخفاقات أيضا، مثل المنتخب السعودي في ثلاثة مونديالات، وفاز مع أنديته المختلفة بجميع البطولات السعودية بمختلف مسمياتها، وتقلد شارة الكابتنية لأهم فريقين في المملكة فريقه السابق الأهلي وفريقه الحالي النصر، وتعرض للإيقاف في كثير من الأحيان. كان إلى وقت قريب جداً الرمز وملهم الروح لزملائه اللاعبين في فريقه النصر من خلال وجهة نظر الجمهور النصراوي الذي كان يرى فيه القائد الحقيقي الذي أتى بعد طول انتظار ليقود النصر مجدداً لتحقيق البطولات من جديد. هذه النظرة انقلبت رأساً على عقب في هذه الأيام إلى أن وصلت باتهام حسين بأنه السبب الرئيس في خسارة النصر نهائي كأس ولي العهد لهذا الموسم، بل إنه أصبح طارداً لكل ما هو مبدع وجميل في بيئة النصر من خلال رأي الأغلبية النصراوية. حسين من خلال تاريخه المليء بالإنجازات سواء الفردية أو الجماعية على مستوى الفرق التي شارك معها أدركه الوقت إلى أن يجعل الجمهور يطالبه بالرحيل عاجلا غير آجل، وهو نفسه من وضع نفسه في هذا الموضع. هذا اللاعب الأسطوري الذي شارك مع نجوم العالم لأكثر من مرة نظير تميزه اللافت ونجوميته في كرة القدم، آن له أن يغلق جميع أجهزته ويغادر الملاعب، وهو يحمل بقية للتقدير والمحبة من الجمهور السعودي عامة والجمهور النصراوي بشكل خاص. لا أعلم إذا ما كان حسين عبدالغني يعلم أن البيجر انتهى وقته ولم يعد إلا أحد المقتنيات الأثرية التي توضع في أغلب المتاحف، أو أنه مازال يعيش في زمن (في أحد مبيجرني).