سعود الفوزان كان لي الشرف أن أكون أحد الطلاب الذين يشرف عليهم معالي الدكتور خالد العنقري مباشرة، وكان يعاملنا كأبنائه، وكنا ندخل إلى مكتبه دون استئذان، وكانت البسمة لا تفارقه دوما، ولولا خوفي أن أحاكم من قبل مكافحة الفساد، لذكرت أكثر عن صفاته، لكن كيف تذكرت هذا الرجل الطيب النبيل بعد هذا الغياب الطويل؟ نعم تذكرته عندما فقدنا اثنتي عشرة شهيدة من طالبات جامعة حائل في يوم الأحد الأسود، والذي أدمى قلوبنا جميعاً، وسوف نظل نتذكر شهيدات العلم جيلاً بعد جيل، حيث مازالت مرارة غيابهن تبكينا وتبكي حتى المقاعد الدراسية في الجامعة! والتي تتساءل أين مها وعفاف وسارة؟ هل هجرن الدراسة ولماذا؟ مها تريد أن تصبح دكتورة لتعالج والدتها المريضة، وعفاف تطمح في أن تكون معلمة في مدينتها «الحليفة»، أين المتفوقة سارة؟ التي تبحث لإكمال دراستها العليا؟ لقد طال غيابهن، هكذا تتساءل مقاعد الدراسة. معالي الوزير، آسف أنني أتذكر معاليكم في هذه الظروف، ولكن عندما تشاهد مدينة من مدن مملكتنا الحبيبة، يكسوها السواد بكاملها، لفقدان بناتها في عمر الزهور، سوف تعذرني. عندما تقابل واحداً من أهلنا في مدينة الحليفة، لن يبخل عليك بالابتسامة والترحيب، لكن سوف تلاحظ من أول نظرة أن هذه الابتسامة تخفي وراءها حزناً عميقاً، لكنه القدر، ولا راد لقضاء الله عز وجل. في الأمس خفّت أحزاننا على فقيدات حريق جدة، بتكريمهن بوسام المؤسس من الدرجة الأولى، ومنح ذوي الشهيدات مليون ريال، وهذا التكريم سوف يظل فخراً لأبنائهن من بعدهن، نحن نعرف أنَّ هذا التكريم لن يعود بالفقيدات إلينا، لكنه سوف يمسح دموعنا، ويخفف من أحزاننا، ويعمل على مواساتنا.لذا أناشد معاليكم بالنظر ورفع ملف شهيدات مدينة الحليفة وما جاورها بمنطقة حائل، إلى والدنا أبو متعب، أطال الله في عمره، حيث مازال ذوو الشهيدات يتجرعون المرارة يوماً بعد يوم، لغياب فلذات أكبادهم، وهم يتطلعون إلى مجهود معاليكم لإطفاء حريق قلوبهم الحزينة، بلمسة عطف، ربما تخفف من مصابهم الجلل. ورحم الله فقيدات الوطن وأسكنهن فسيح جناته، وحفظ الله مملكتنا الغالية من كل مكروه.