يعاني كثير من الطلاب والطالبات من سرعة نسيان المعلومات بعد المذاكرة، فالطالب يجهد نفسه في مذاكرة مادة معينة استعداداً لاختبار مقبل و لكن سرعان ما تتبخر تلك المعلومات من ذهنه فيبقى حائراً، كيف حدث ذلك ؟ ولكي نعرف أحد أهم أسباب نسياننا لما نقوم بحفظه فعلينا التعرف على تركيب الدماغ في الإنسان. يتكوّن الدماغ من حوالي 100 مليار خلية عصبية وهذه الخلايا ترتبط مع بعضها البعض بواسطة وصلات ترابط تصل عددها في الخلية الواحدة إلى ما يقارب 100 ألف وصلة، فعندما نتعرف على معلومة جديدة عن طريق القراءة مثلاً فإنه يحدث ترابط بين خليتين عصبيتين، و لكي نثبّت تلك المعلومة في دماغنا فعلينا تقوية تلك الروابط بين الخلايا ويحدث ذلك عن طريق نطق المعلومة أو سماعها أو مشاهدتها أو كتابتها أو شرحها لشخص آخر وهكذا. كما أن الدماغ ينقسم إلى نصفين رئيسين ولكل جزء منهما مهامه الخاصة التي يقوم بها : – النصف الأيسر: يهتم بالأرقام و الحساب والمنطق والقوانين والكلمات والتحليل والكتابة . – النصف الأيمن : يهتم بالألوان والأشكال والصور والألحان والخيال والقصص والعاطفة والشعر . وتكمن مشكلة الحفظ عند الطلاب والطالبات في أن معظمهم يستخدم النصف الأيسر فقط أثناء الحفظ مستبعدين النصف الأيمن من المشاركة في الحفظ ، وبالتالي يحدث النسيان سريعاً، ولنضرب على ذلك مثالاً توضيحياً. لو طلبنا منك حفظ الكلمات التالية: ( جبل، كوخ، سيارة، ولد، نار، مسمار، حصان، قماش، شجرة، طائر) فستلاحظ بأنك قد لا تتذكر منها سوى سبع كلمات فقط، ولكن ماذا لو أشركنا النصف الأيمن من الدماغ في عملية الحفظ؟. فمثلاً بالإمكان نسج قصة خيالية تحتوي على هذه الكلمات: ( كان هناك جبل كبير جداً و بالقرب منه كوخ صغير و بجانب الكوخ سيارة حمراء اللون، وفجأة سمعت صوت ولد يبكي بكاءً شديداً خلف الكوخ فذهبت إليه مسرعاً لتجده واقفاً بالقرب من نار مشتعلة وفي يده مسمار ملتهب بسبب النار المشتعلة، فأردت الذهاب بالولد للمستشفى ولكن السيارة كانت معطلة فسمعت صوت حصان خلف الكوخ وإذا برقبة الحصان ملفوفة بقطعة قماش خضراء ومربوطة بشجرة كبيرة، فركبت الحصان وانطلقت بالولد وكان هناك طائر يحلق فوقكما وأنتما في الطريق إلى المستشفى). الآن حاول تذكر الكلمات العشر فستتفاجأ بأنك تتذكرها بكل سهولة بل وبالترتيب، ولو حاولت تذكرها بعد عدة أيام فستجد بأنها مازالت راسخة في ذهنك ولن تنساها بسهولة. هناك طرق متعددة للحفظ يمكن من خلالها استخدام النصف الأيمن بالإضافة إلى النصف الأيسر في عملية الحفظ وقد تطرقنا في هذا المقال إلى طريقة واحدة وهي استخدام القصة، وكل الطرق مبنية على أساس واحد وهو تفعيل النصف الأيمن من الدماغ وعدم الاكتفاء بالنصف الأيسر فقط، فالدماغ هو من أكبر نعم الله علينا، حيث لديه قدرات تخزينية هائلة لا نستطيع أن ندرك مداها ويجدر بنا تفعيل ولو جزء بسيط من إمكاناته.