القضاء المتخصص في المملكة المتمثل في اللجان والهيئات شبه القضائية يفترض أن يكون أكثر سرعة للاستجابة لمتطلبات العمل المعاصر بحكم هيكلها البسيط مقارنة بجهاز القضاء العام. هيئة تسوية المنازعات العمالية على سبيل المثال، بلجانها الابتدائية والاستئنافية، رغم الجهود التي تبذلها، لا تستجيب جيداً لمتطلبات المرحلة في سوق يعمل به ما لا يقل عن تسعة ملايين عامل وطني ووافد نسبة كبيرة منهم يخضعون لاختصاص الهيئة للفصل في الخلافات التي تنشب بين العاملين وأصحاب العمل، مما يفرض عليها جملة من التحديات لمواكبة التطلعات المحلية والعالمية كجهة قضاء عمَّالية مطلوب منها سرعة الفصل في الخلافات وفقاً لمبادئ التقاضي العالمية. المشكلة في الهيئة أنها لا تستند إلى لائحة تقاض واضحة ومترجمة إلى اللغات الأجنبية بحكم أنَّ أغلب المستفيدين من خدماتها هم من الأجانب العاملين في السوق السعودي، ولا يتوفر لديها سوابق قضائية كمحصلة لعملها التراكمي على مدى السنوات الماضية منذ نشأتها ليستفيد منها المحامون والمتقاضون. والأحكام التي تصدرها تنقصها المهنية، فهي تخلو من التسبيب في أحكامها، وينقصها الاستدلال الصحيح لحكم النظام. ويشتكي بعض المتقاضين أن أحكامها أحياناً تكون متسرعة ولا تراعي مصالح الطرف الضعيف (العامل) مما يثير لديهم الشعور بأن بعض الأحكام متحيزة. حتى تتحول الهيئة بلجانها الابتدائية والاستئنافية إلى محكمة عمّال وفقاً لمشروع تطوير القضاء، وهو ما يتأمّله الجميع، مطلوب منها الآن العمل على تطوير أداءها وفقاً لأسس ومبادئ التقاضي العالمية، ولا ينقصها شيء لتحقيق هذا الهدف في ظل الدعم غير المحدود الذي يجده القضاء من الدولة، ولكي تتأسس المحكمة العمالية عند نشأتها على قاعدة صلبة مستمدة الخبرات المتراكمة.