يا ليته يعود.. هذا ما تأوهه (أربعيني) بحشرجة وغصة يعتصره أنين من فرط الحنين بعد أن تنهد تنهيدة بائسة استتبعها بزفرات عادت به إلى شريط الذكريات ثم صمت برهة وكأنه أراد التوقف عنوة عند محطات يستدعي بها شجونه ويستعير ولو بأطياف مما كان يؤنسه ويبهجه لكن يبدو أن الحزن غالبه واختطفه التوق والاشتياق فاغرورقت عيناه بالدموع أهي دموع الفرح باستحضار لحظات جميلة؟! أم دموع الحسرة ليقينه بفقدانها إلى غير رجعة، المرجح مزيج من هذا وذاك يقول: كنت إذا رجعت من عملي لمجرد دخولي منزلي إذ بصغيرتي ذات السبع سنوات تلاعب عرائسها وبمحاذاتها ابني ذو الخمس سنوات يمتطي (سيكله) ذو الإطارات الثلاثة وما إن يشاهداني يتسابقان متنازعان لمجاذبتي والفرحة تملأ فرائصهما الغضة ويصدحان بصوت ممزوج يُعبئ أرجاء المنزل حبوراً وفرحاً (بابا،بابا) فأتلقفهما بكل جوارحي وأعانقهما على كتفي وأتلحفهما بصدري أتأرجح بهما وضحكاتهما لم ولن تبارح وجداني قبل أذني وبعد هذا الاستقبال (الكرنفالي) الماتع نتناول الغداء ثم نلهو قليلا ونتبادل المزاح واللعب وكل يوم على هذا المنوال إلى أن عصفت بنا (الهواتف الذكية) وجرفت صفونا واغتالت دون رأفة أجمل اللحظات.. الآن يدخل الأب البيت دون أن يستشعر به أبناؤه فهذه منهمكة ب (سناب شات) أو (إنستجرام) والآخر يشاهد شرائط فيديو على (يوتيوب) وثالث يلعب مع (صديق!) لا يعرفه ما وراء البحار والصغيرة تحتضن (الآيباد) تحدق فيه بلا هوادة أعلم سلفاً أن كل من يصغرني بسنوات لن يتفهم وطأة وقسوة الهاجس الجاثم والحنين المؤرق إلى حيث ما قبل وسائل التواصل الاجتماعي فمن عاش لحظة من ذاك الزمن المفعم بالدفء والحنو الحميمي لا ريب سوف يقول وبلا تردد: خذوا كل شيء ودعوني أنعم بيوم واحد من ذاك.