الثقب الأسود هو عبارة عن مصطلح علمي معروف لدى العاملين في علم الفضاء و الفلك، و هو عبارة عن مكان ما في الفضاء الخارجي (some where there in space ....) يستطيع هذا الثقب المفروض علمياً وجوده أن يبتلع الكواكب المنتشرة في الفضاء خاصة تلك الكواكب التي تريد الانتحار (فيلم رعب..). و مع فرضية أن تلك النظرية الفضائية قد تكون صحيحة عند بعض أو غير صحيحة عند بعضهم الآخر، المهم في مقالنا هذا أنه يمكن استخدام هذا المصطلح و تطبيقه في الخدمات الصحية، كيف؟ و بمنظار و اقعي (تلسكوب صحي) بعيد كل البعد عن المنظار الافتراضي (النظارة السوداء التي يعشق لبسها كثير من القيادات الصحية)، قد نقول إن الثقوب السوداء في الرعاية الصحية هي تلك الفجوات في سلسلة العمل الصحي التي قد تلتهم كثيرا من الجهود و البرامج الصحية المفيدة في سلسلة الخدمات الصحية، و تحدث أيضاً (خاصة عند تغافلها و السهو عنها) إلى كثير من السلبيات الصحية التي تؤدي إلى تراكمات قد تحدث خللاً كبيراً في العمل الصحي. إذاً، يكون السعي وراء الكشف عن تلك الثقوب السوداء في سلسلة العمل الصحي إيجابيا في تلافي الوقوع في خلل طبي و فني في الرعاية الصحية الذي قد ينتج عنه (اكتشاف الثقب الأسود) المساهمة في الارتقاء بالمؤشر الصحي في المجتمع. و للوصول إلى ذلك الاكتشاف، يكون ضروريا أن تكون هناك أدوات تطبيقية (tools) تساعد في إظهار الخلل، التي منها مؤشرات الأداء (KPIs). وهناك عديد من الأمثلة التي تدل على أهمية تطبيق المؤشرات الصحية في تطوير الخدمات الصحية و منها مثلاً، عندما يقوم الطبيب بكتابة وصفة طبية سواء من خلال نظام الحاسوب أو من خلال الكتابة على الورق، هنا، هل يعيد الطبيب النظر مرة أخرى إلى ما قام من كتابته أو وضع المؤشر عليه في النظام الآلي؟ إذا، ما هي أهمية إعادة قراءة ما كتبه من وصفة طبية؟ أهمية ذلك، تكمن في احتمالية ورود خطأ في الكتابة، مما يؤدي إلى صرف دواء للمريض بالخطأ. إذاً، كيف نُجبر الطبيب على إعادة النظر و قراءة ما كتبه؟ الطريقة هي: حصر الأخطاء في الوصفات الطبية و تحليل مسبباتها عن طريق مختلف تطبيقات مؤشرات الأداء (KPIs) ومناقشتها و وضع الحلول الجذرية وذلك لهدف تلافي كثير من الكوارث الطبية (التي قد تكون كالثقوب السوداء)، و هناك كثير من الأبحاث العلمية المتخصصة في سلامة المرضى التي تناقش تلك الأخطاء (الثقوب السوداء) و بكل شفافية. باختصار.. ذكرت إحدى الدراسات العلمية البريطانية المختصة في سلامة المرضى، أن سبب حدوث خطأ في صرف الأدوية، كان نتيجة عدم إعادة قراءة الوصفة الطبية من قبل الطبيب المعالج، وأن سبب عدم قراءة الطبيب لما يكتبه، هو عدم وجود شفافية في رصد تلك الأخطاء و مناقشتها بطريقة علنية، مما أدى إلى تكرار الأخطاء في صرف الأدوية. وزارة الصحة بحاجة ماسة إلى الاهتمام بالمؤشرات الصحية (وهي كثيرة) و حصرها بدقة وتحليلها ووضع الحلول المناسبة لتلافي كثير من تلك الأخطاء الطبية التي يمكن تلافيها بخطوات بسيطة، وأولى الخطوات هو بناء جيل من الكوادر الصحية المختصة في التطبيقات المختلفة في مؤشرات الأداء بطريقة علمية صحيحة و ليست اجتهادية.