خرجت مظاهراتٌ أمس في مناطق سورية محرَّرة مندِّدةً بتنظيمي جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) و»داعش» ومجدِّدةً الدعوة إلى إسقاط النظام في حين طالبت بتوحُّد فصائل المعارضة المقاتِلة العاملة في إطار الجيش الحر. وأفاد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ب «تظاهُر الآلاف الجمعة في عددٍ من المدن والبلدات المحرّرة تحت شعار (لا مكان للقاعدة في سوريا)، منددين بجرائم تنظيمي داعش وجبهة فتح الشام الإرهابيين». ووفق بيانٍ للائتلاف؛ دعا المتظاهرون في دوما بريف دمشق والأتارب ومارع بريف حلب وبلداتٍ أخرى بريفي إدلب وحلب إلى خروج تنظيم القاعدة من البلاد. وجدّدوا مطالبهم بإسقاط نظام بشار الأسد، مشددين على ضرورة توحد فصائل الجيش الحر لمواجهة النظام و«القاعدة» و«داعش». وأظهرت صورٌ متظاهرين في مدينة أعزاز (بريف حلب الشمالي) وهم يرفعون لافتاتٍ تندِّد ب «النصرة» وتؤكد أن «الجيش الحر هو الأصل» رافضةً مشروع دستورٍ لسوريا وضعته روسيا. وأعلنت «جبهة النصرة»، قبل أشهر، فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة واختارت لنفسها اسماً جديداً «فتح الشام». لكن المجتمع الدولي لا يزال يصنّفها هي و«داعش» ضمن الجماعات الإرهابية. وخلال الأسبوعين الماضيين؛ شنّ مسلحو الجبهة هجماتٍ في مناطق بإدلب (شمال) على فصائل في المعارضة المقاتِلة، ما أدى إلى اندلاع معارك استمرت عدة أيام وأحدثت توتراً بالغاً في المحافظة التي باتت أبرز معقلٍ للمعارضين. وانضمت فصائل تعرضت لهجماتٍ من الجبهة إلى حركة «أحرار الشام» الإسلامية. فيما شكلت «فتح الشام» و4 مجموعات حليفة لها كياناً جديداً باسم «هيئة تحرير الشام». واعتبر الائتلاف الوطني، المعبّر عن التيار الرئيس في المعارضة السياسية، أن «فتح الشام» جزءٌ من منظومة الإرهاب يصبُّ في خدمة النظام وحلفائه و«يقوِّض قدرات الشعب في التصدي للهجمة الشرسة لاحتلال الأراضي السورية». ودعا الائتلاف، في أواخر يناير الفائت، كافة الفصائل إلى «العمل على إنشاء جيش وطني يخدم الثورة وأهدافها، ويعمل في إطار مظلتها السياسية الشرعية، ويستجيب لآمال وطموحات الشعب في الوحدة والعمل المنسَّق وفق أسس وضوابط احترافية». وأظهر الموقع الإلكتروني للائتلاف، أمس، دعماً للمظاهرات التي خرجت ضد «فتح الشام» و«داعش». في سياق آخر؛ أفاد ناشطون معارضون في ريف حلب (شمال) بتقدم الجيش الحر، الجمعة، بالقرب من مدينة الباب (في الريف الشرقي للمحافظة)، مشيرين إلى سيطرته على أجزاء واسعة من قرية بزاعة القريبة من المدينة، بعد اشتباكاتٍ ضد «داعش». وترتبط محاولات تحرير الباب بعملية «درع الفرات» التي أطلقتها أنقرة في الشمال السوري أواخر أغسطس الماضي وتقدِّم لها دعماً عسكرياً. وحققت «درع الفرات» نجاحاً في أغسطس بطرد «داعش» من مدن حدودية عدّة بينها جرابلس. إلا أن السيطرة على الباب التي تقع على مسافة 30 كيلومتراً من الحدود التركية تبدو مهمةً أصعب بكثير، بحسب ما ذكر الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء «فرانس برس». ووفقاً للموقع؛ ذكر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن مهمة بلاده ستنتهي في الباب، موضحاً: «لا ضرورة بعد ذلك للتوغل أكثر داخل الأراضي السورية». وفي بيانٍ الجمعة؛ أعلن الجيش التركي تنفيذ طائراته وطائراتٍ من التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد الإرهاب ضربات جوية قرب الباب. ويحتل «داعش» المدينة منذ نحو 3 سنوات، فيما يحاصرها منذ نحو شهرين مقاتلو معارَضة سوريون مدعومون من أنقرة. وأفاد البيان التركي، الذي نقله الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء «رويترز»، ب «تحييد» 47 من مقاتلي التنظيم الإرهابي في اشتباكات وضربات جوية «خلال الساعات ال 24 المنصرمة»، علاوةً على «تدمير مبانٍ ومواقع دفاعية ومخابئ ومخزن للذخيرة في الغارات». في االإطار نفسه؛ أعلنت القيادة المركزية لعمليات التحالف الدولي، في بيانٍ أمس، تنفيذ التحالف 31 غارة «خلال ال 24 ساعة الماضية» ضد مواقع ل «داعش» في سوريا، قرب مناطق البوكمال والشدادي والرقة ودير الزور (شرق). بدورها؛ نقلت وكالة «تاس» للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية أن قاذفات قنابل تابعة لها (بعيدة المدى من طراز توبوليف-22إم3) شنت ضربات جوية الجمعة على مستودعات ذخيرة يستخدمها «داعش» في محافظة دير الزور (شرق سوريا) ودمّرت جميع الأهداف. على صعيدٍ مختلف؛ واصلت قوات نظام الأسد والميليشيات التابعة لها المدعومة إيرانياً حصاراً خانقاً على مخيم خان الشيح للاجئين الفلسطينييين في ريف دمشق الغربي. وأعلنت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا أن قوات الأسد وأجهزته الأمنية تحكم قبضتها على المخيم وتشدد حصارها عليه كما تحظر إدخال المواد الغذائية والطبية والإغاثية إليه وتمنع سكانه من الدخول والخروج منه وإليه إلا بموافقة أمنية. وأشارت المجموعة، في بيانٍ لها نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس» أمس، إلى حالة خوف وقلق لدى سكان المخيم نتيجة استمرار حملات الدهم والاعتقالات التي طالت عديدين منهم. ووفقاً للبيان؛ شهد المخيم عدداً من حالات الدهم والاعتقال، وصادرت قوات الأسد سيارات تابعة لمؤسسات إغاثية وطبية. بدورها؛ ناشدت اللجان الأهلية في خان الشيح المؤسسات الدولية ووكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» التحرك لوقف هذه المأساة. يأتي ذلك فيما ذكرت شبكة «شام» الإلكترونية الإخبارية أن قوات النظام شنت قصفاً جوياً ومدفعياً الجمعة على مواقع عدة؛ بينها مدينة عندان وبلدة حريتان في الريف الشمالي حلب وبلدة عقرب في الريف الجنوبي لحماة، فيما تعرضت مدينة اللطامنة في الريف الشمالي لحماة إلى قصفٍ بالبراميل المتفجرة نفذته مروحيات تابعة لجيش الأسد. ومراراً؛ اتهمت المعارضة النظامَ بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الساري نظرياً منذ ال 30 من ديسمبر الفائت برعاية روسيا (داعمة النظام المدعوم كذلك من إيران) وتركيا (أحد داعمي المعارضة). ويستثني الاتفاق «داعش»، أي أنه يسمح باستهدافها. وتقول روسيا والنظام إنه يستثني كذلك «فتح الشام»، فيما تقول المعارضة إن مناطق لا وجود فيها للتنظيمين تعرضت للقصف الجوي والمدفعي. إلى ذلك؛ اعتبر الرئيس اللبناني، ميشال عون، أن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم «يجب أن تتم من خلال عمل المجتمع الدولي» مع حكومة بشار الأسد لإنشاء مناطق آمنة لهم في الأراضي السورية. ونزح، منذ 2011، مليون سوري على الأقل إلى لبنان أي ما يقرب من ربع سكانها. وخلال لقاءٍ الجمعة في بيروت؛ أبلغ عون مفوّض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو جراندي، بقوله: «على المجتمع الدولي أن يعمل لتسهيل عودة هؤلاء النازحين إلى بلدهم وذلك عبر إقامة أماكن آمنة في سوريا لاستقبالهم بالتنسيق مع الحكومة السورية». وأفاد عون، بحسب الموقع الإلكتروني ل«رويترز»، بأن بلاده ليست في وارد إلزام أي من اللاجئين العودة إلى سوريا في ظروف أمنية غير مستقرة. واستدرك: «لكن لا بد من عمل دولي جامع لإيجاد المناخ المناسب لتسهيل العودة لأن بقاءهم في لبنان لا يمكن أن يدوم إلى الأبد خصوصاً أن ظروف عيشهم على الأراضي اللبنانية ليست مريحة». ودعا عون إلى حل سياسي للصراع السوري. وشدد على «أهمية نجاح الحل السياسي الذي يُعمَل له حالياً مع الاستمرار في مواجهة الإرهابيين أينما وُجِدوا». والأسبوع الماضي؛ أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه «سيقيم بالتأكيد مناطق آمنة في سوريا» لحماية الأشخاص الفارين من العنف هناك، معتبراً أن أوروبا أخطأت بقبول ملايين اللاجئين. وطبقا لوثيقةٍ اطّلعت عليها «رويترز»؛ من المتوقع أن يأمر ترامب وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين في الأيام المقبلة بوضع خطة لإقامة «المناطق الآمنة».