تحدثت في المقال السابق عن البنية القانونية والقضائية اللازمة لأي سوق عمل متعافٍ، لكن ذلك لا يكفي، ولابد من سياسات حكومية تنظم سوق العمل وتحافظ على حصة المواطنين من الفرص المتاحة فيه وحمايتها من المنافسة الخارجية. ولعل القرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء مؤخرا والمتضمنة فرض رسوم على العمالة المرافقة تصب في هذا الاتجاه، لكن من المبكر الحكم على مدى تأثيرها في تقليص حجم العمالة الوافدة، والحد من وجود السائبة منها، والتقليل من استنزاف الحوالات الخارجية. فالمطلوب من الوزارة تطبيق سياسات السعودة على جميع المهن التي يمكن شغلها بمواطنين خاصة الوظائف القيادية والوسطى في القطاع الخاص من شركات ومؤسسات، والوظائف التعاقدية في القطاع الحكومي من غير الأكاديميين في الجامعات. فكثير من الوزارات والهيئات الحكومية يوجد بها عديد من المتعاقدين من غير السعوديين يشغلون وظائف إدارية مهمة في مجال التقنية وبعض الوظائف الفنية، ويعملون على ملاك مؤسسات وشركات تقدم بعض الخدمات لتلك الجهات رغم أن الوظائف التي يعملون عليها لا تتطلب مهارات فنية عالية، والاستمرار في سياسات سعودة بعض الأنشطة التجارية والخدمات أسوة بما تم تطبيقه في مجال مبيعات الهواتف المتنقلة. لكن في نفس الوقت يفضل اتباع سياسات مرنة تجاه العمالة التي لا غنى عنها مثل قطاع الزراعة والتشييد والبناء وسائقي المنازل وتسهيل إجراءات استقدامهم بالنظر لحاجة عديد من الأسر لخدماتهم. أخيرا لابد للقطاع الحكومي المدني والعسكري أن يساهم في استيعاب أكبر عدد ممكن من الشباب المؤهلين للعمل وانتشالهم من شبح البطالة بالتزامن مع السياسات الرامية لتنظيم سوق العمل في القطاع الخاص.