محمد بن سلمان، اسم مثير للجدل، فهو في نظر من لا يحبه، قد تجاوز كثيراً من الخطوط التي يعتقدون أنها حمراء لوأد قيام مملكة قوية مهابة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، فهو تارة يجابه (أمريكا) بجلالة قدرها، ويخوض حرباً دون علمها لإيقاف المد الصفوي في جنوب الجزيرة العربية وينتزع قراراً أممياً بشرعية حربه على اليمن بعد أن وحد جيوش عشر دول عربية تحت راية المملكة، بل إنه لم يكتف بذلك، بل سعى لتأسيس تحالف عسكري من 40 دولة إسلامية لمحاربة الإرهاب. وفي الوقت الذي أرغم دولاً على إعادة حساباتها ورؤيتها لتلك المملكة الهادئة التي كانت تمشي بجوار (الحيط)، يقوم (محمد) في الزمن ذاته بترسيخ العمل المؤسسي داخل وطنه، فهو صاحب رؤية طالما انتظرها شعبه ليعرف إلى أين يسير به (صانع القرار)، وعراب التحول الوطني الذي جعل من الوزراء وكبار المسؤولين يهبطون من بروجهم ليتلون خطط وزاراتهم والتزاماتهم علناً؛ ليكونوا تحت رقابة الشعب. يختلف الجميع على ذلك الشاب الثلاثيني، ولكن يتفقون على طموحه وتفانيه في تأسيس مرحلة جديدة في تاريخ المملكة، لإدراكه أن المراجعة الدائمة والمتكررة (لكل شيء) أمر حتمي للبقاء والاستمرارية في عصر يضج بالتحدي وعدم الاستقرار. إن مستقبل نجاح وطننا حالياً ومستقبلاً يعتمد على كيفية قدرة القادة على قيادة التغيير الذي يضمن الانتقال من الوضع الحالي إلى وضع آخر مرغوب فيه خلال فترة انتقالية لربما كانت هي الأصعب. لقد نجح محمد بن سلمان في الداخل كما الخارج، رغم الفترة الزمنية القصيرة التي قضاها قائداً للتغيير ورغم اختلاف بعض الأشخاص مع إدارته لأولويات المرحلة (داخلياً) في إلهام فريق عمله وتكوين ثقافة التكيف مع المتغيرات التي أظهرت جلياً المعدن الحقيقي للمواطن السعودي. إن قادة التغيير المخلدين على صفحات التاريخ قادة لهم رؤية واضحة وهدف واضح قد يُقلق كثيراً من الناس ويخلق عديداً من المجابهين والممتعضين، وذلك أمر طبيعي في إدارة التحول التي تتطلب في ذات الوقت جودة شاملة في الأداء والتنفيذ والمتابعة لا يمكن تطبيقها إلاّ إذا توفرت قيادة تحويلية ذات سمات عالية وجريئة.