جذبت أرض فعاليات مهرجان سفاري بقيق العوائل والشباب لافتراش الصحراء والاستمتاع بالأجواء المعتدلة ببساطة تجسد حياة الأجداد، وذلك منذ انطلاق الفعاليات عصر الخميس الماضي، بالإضافة إلى الاستمتاع بقضاء أوقات في النزل الصحراوية التي وفرتها إدارة المهرجان للزوار. وأصبحت العوائل تتنافس على اختيار المواقع المميزة في المهرجان لاتخاذها مواقع لقضاء أجمل الأوقات بصحبة أفراد الأسرة بين نغمات الشيلات والفعاليات التراثية المتنوعة التي تنفذها إدارة المهرجان يومياً من الثالثة عصراً وحتى العاشرة مساءً. ووصف القائمون على مهرجان سفاري بقيق، وجود العوائل لقضاء يومهم في موقع أرض الفعاليات بأنه أمر جيد، حيث أصبحت أرض المهرجان أشبه بالمنتجع الصحراوي بسبب افتراش العوائل والشباب وتكوين جلسات السمر في مختلف المواقع بعيداً عن صخب المدينة وضوضاء السيارات. إلى ذلك، كشف جناح شركة أرامكو السعودية، الذي تشارك به في فعاليات مهرجان سفاري بقيق حالياً، عن جانب مهم من تاريخ العملات السعودية وتطورها، سواء في الشكل أو الوزن وكذلك في الاستخدام اليومي والانتشار، ويلمح التاريخ ذاته إلى أن الريال السعودي مر بتجارب ومراحل عدة قبل أن يثبت نفسه، حيث لم تكن بدايته قوية بعدما وُجدت مقاومة كبيرة من عملات أخرى أقدم منه، انتشرت في المنطقة الشرقية، واعتمدتها شركات النفط العاملة في المملكة آنذاك، في صرف رواتب موظفيها، ولكن سرعان ما أعلن الريال عن نفسه كعملة أساسية في المملكة العربية السعودية، ولم تجد شركات النفط مفراً من اعتماده في صرف رواتب موظفيها. وتشير بعض المخطوطات والمعلومات التي أعلنت عنها شركة أرامكو في «سفاري بقيق»، إلى أن الريال السعودي لم يكن له وجود قبل عشرينيات القرن الماضي، ولكن مع بداية تأسيس المملكة، وبالتزامن مع عديد من الإجراءات والأنظمة التي أصدرها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، لتنظيم شؤون البلاد، وجّه يرحمه الله بإصدار العملات المعدنية الرسمية الأولى، ورغم هذا التوجيه إلا أن العملة السعودية «الريال الفضة» لم تحظى بالانتشار المأمول، وظل يقاوم الإقبال الكبير على الروبية الهندية، التي كانت منتشرة في هذه الأوقات، ودعم ذلك قيام شركة «كاسوك» العاملة في مجال النفط في المنطقة الشرقية آنذاك، حين بدأت أعمالها في عام 1933 بدفع رواتب موظفيها السعوديين بالروبية الهندية المصنوعة من الفضة، باعتبارها العملة الأكثر استخداما آنذاك في منطقة المقر الرئيس للشركة الواقع في منطقة الأحساء. ولكن لم تستمر فترة ضعف انتشار الريال السعودي سوى سنوات معدودة، حيث بدأ ينتشر على نطاق واسع في أرجاء المملكة، منطلقا من المنطقة الشرقية، في المقابل، انحسرت بقية العملات الأخرى، وعلى رأسها الروبية الهندية، ففي عام 1938م، أصدرت شركة «كاسوك» تعليماتها باعتماد الريال السعودي كعملة أساسية لصرف رواتب موظفيها السعوديين، مما جعل العملة السعودية تنتشر وتتداول على مساحة كبيرة من المنطقة الشرقية، ولكن سرعان ما ظهرت مشكلة طارئة لمجلس إدارة شركة «كاسوك»، من بعدها مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية، تتمثل في أن الريال السعودي الفضي في ذاك الوقت، وحتى عقد الخمسينيات، كان كبير الحجم وثقيل الوزن، ما يعني أن متوسط الراتب الشهري للموظف السعودي كان يزن نحو 4 كيلوجرامات من الريالات الفضية، وهو ما كان يتطلب من الشركة تأمين رواتب تزن نحو 60 طناً مترياً من الفضة، تنقلها شاحنات وتحفظ داخل مستودعات خاصة، عليها حراسة أمنية مشددة. واستمر هذا الوضع على ما هو عليه، إلى أن جاء عام 1969، الذي شهد توجيهات جديدة من مؤسسة النقد السعودي، بإصدار عملات ورقية جديدة، من فئات الخمسة والعشرة ريالات وكذلك الريال الواحد، تم تداولها فعليا في 25 يناير من العام نفسه، واستخدمت أحدث الطرق الطباعية الأمنية، وأدمجت فيها ميزات إضافية منعاً للتزييف. في السياق، تزينت سماء مهرجان سفاري بقيق منذ انطلاقته بالطائرات الشراعية مختلفة الشعارات والألوان التي يقودها طيارون محترفون. وعلى الرغم من أن المهرجان اشتمل على عديد من الفعاليات التي جذبت محبي تراث الصحراء وعشاق التجارب الغريبة والممتعة، إلا أن مشاركة الطيران الشراعي كانت علامة بارزة، حيث يؤدي المشاركون أنوع العروض البهلوانية بمهارة عالية.