من المنطقي والأفضل ألا نأخذ بكل ما ينشر عبر وسائل الإعلام الجديد، ولا نصدق المعلومات والفيديوهات، وحتى الأفلام التي يُزعم أنها وثائقية موثقة، ذلك لأن ما يُنشر عبر الفضاء الأزرق، تعليقاً وتغريداً، لا يعدو أن يكون نوعاً من الإثارة والتشويش، وطمس الحقائق ومغايرة الواقع، إلا أن هذا لايعني أن علينا ألا نهتم ولا نكون حذرين، ونسلم جدلاً أن ما يحدث وسيحدث لا محالة أو مستحيل. في لقاء جمع بين صحفي إسرائيلي ومؤرخ يهودي على القناة الثانية الإسرائيلية، سأل الصحفي المؤرخ سؤالاً صادماً لكنه يعبِّر عن رغبة وحلم كل صهيوني عدو لنا ولبلاد المسلمين وقبلتهم، السؤال لم يكن مبطناً أو غير مباشر في هدفه، بل كان صريحاً ومباشراً: (كيف يمكن للإسرائيليين قبول بقاء جبل إيليا في أيدي المسلمين، كتبت هذا على غلاف كتابي عن أسامة بن لادن، فالذي بين إيلات والجوف وتبوك أقل من 200 كيلو متر، لماذا لا يتجه الإسرائيليون جنوباً لتحرير جبل اللوز من حوزة السعوديين؟) أجابه المؤرخ تعليقاً على سؤاله، إنه ليست لدى إسرائيل نية واضحة للقيام بعمل كهذا، ليس لأنها ليست قادرة وإنما علينا أن نتريث، هناك سلسلة من الأحداث ستغير من أوضاع المنطقة جغرافياً، بحيث ستشمل ضم شمال السعودية لإسرائيل، عند إعادة تشكيل خارطة المنطقة…!! ما لفت انتباهي في هذا اللقاء الربط بين ما يدور من أحداث في شمال المملكة وجنوبها، وما يحلم به الإسرائيليون وكل مؤيد للصهيونية في مخططاتها، فالجماعة الحوثية الرافضية، تنفذ ما تخطط له إسرائيل، كيف؟ هذا ما أجاب عنه المؤرخ بقوله (في عمق الأحداث الدائرة تقوم قبيلة الحوثي بمحاولة السيطرة على اليمن بما يضمن إعادة تشكيل خارطة المنطقة)، ولعلنا لا تندهش حين نجد العلاقة القوية بين رؤية المحلل الإسرائيلي وما أقدم عليه الحوثيون قبل أيام، بإطلاقهم الصاروخ الباليستي نحو العاصمة المقدسة مكةالمكرمة، وللتأكيد على ما يجري من أحداث، وفق ما يتمنون ويحلمون علق الكاتب الإسرائيلي واثقاً بقوله (من سيتمكن من السيطرة على مكة يمتلك زمام الحرب، فيما يحدث من صراع بين الشيعة والسنة، وسيكون هو الأقوى، وستشهد المنطقة أحداثاً حاسمة)، الإسرائيليون يتحدثون بثقة، أنه قد لا يكون في مقدورهم الإقدام على أي عمل عسكري لاحتلال أي جزء من الجزيرة العربية سواء في الشمال أو الجنوب، لكنهم يعتمدون على من يمكنهم السيطرة بالنيابة عنهم وفق مجريات الأحداث المتلاحقة في اليمن. أقحم الغرب دول الخليج العربية في صراعات دولية وضعت كل تفاصيلها الاستخبارات الغربية، منذ حرب الخليج الأولى ثم الثانية ومن ثم احتلال العراق، حين جيّشت الجيوش وموّلت الحروب، للإضرار باقتصاد دول الخليج واستنزاف ميزانياتها، ولاحاجة لنا لذكرالنتائج الكارثية التي ألحقته بنا تلك الحروب والصراعات من أضرار اقتصادية وسياسية، كان آخرها، مخطط فوضى الخريف العربي الكئيب. الذين كانوا يتهمون كل من ذهبوا بتحليلاتهم وقراءتهم لما يدور من أحداث في المنطقة، أنهم مصابون بعقدة (المؤامرة)، كيف يفسرون الآن تصريحات الإسرائيليين العلنية والصريحة؟ وماذا يقولون عن أحلامهم.