القرارات السياسية والتاريخية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – مؤخراً، وحصلت بموجبها المرأة على حق الترشح والانتخاب في المجالس البلدية، وحق التعيين في مجلس الشورى، تعد اعترافاً من القيادة الرشيدة بالدور المهم الذي تضطلع به المرأة في بناء المجتمع، وتأكيداً لحقها في المشاركة في صنع القرار مع الرجل من خلال إشراكها في السلطة التشريعية. لقد خاضت المرأة السعودية من أجل إثبات دورها وحقها في المساهمة كشريك أساسي وفاعل في بناء وتنمية المجتمع، صراعاً طويلاً مع الموروث الاجتماعي الذي حمل في طياته عدم قناعة البعض بدور المرأة، وتجاهل أنها تمثل نصف المجتمع، وقلل من أهمية وصولها إلى المواقع القيادية، ولا سيما السلطة التشريعية، وتناسى أنه بدون إشراك المرأة في صنع القرار، لا يمكن تحقيق أهداف ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والسياسية، والتي تشكل الأساس المادي لتقدم المجتمعات وتحضرها، خاصة وأن المرأة تعد وحدة أساسية في تكوين الأسرة وبناء المجتمع، وكان حتماً تجاوز الفكرة التقليدية والنمطية السلبية عن المرأة من أجل بناء مجتمع متطور يتسم بالرقي، ويحقق العدالة الاجتماعية المتوازنة مع التقدم الحضاري للمجتمع. وانطلاقاً من هذه القرارات السياسية والتاريخية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين، فإنني أقترح تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم (63) الصادر بتاريخ 11 /3 / 1424 ه والذي من أهم ما نص عليه: إنشاء لجنة عليا دائمة ومتخصصة في شؤون المرأة. حث مجلس الخدمة المدنية للنظر في خيارات التوظيف بالنصاب الجزئي للمرأة. دعوة مجلس الخدمة المدنية لدراسة شغل المرأة الوظائف والإدارات التي تقوم على خدمتها، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة لإحداث زيادة في فرص التوظيف النسائي في المجالات التي تناسب المرأة. وأطالب أيضا بضرورة تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم (120) الصادر بتاريخ 12 / 4 / 1425ه والذي من أهم ما نص عليه: إلزام جميع الجهات الحكومية التي تقدم خدمات ذات علاقة بالمرأة إنشاء وحدات وأقسام نسائية خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ صدور هذا القرار. إلزام الجهات ذات العلاقة بتخصيص أراض أو مناطق داخل حدود المدن وتهيئتها لإقامة مشروعات صناعية تعمل فيها نساء. إلزام مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية تشكيل لجنة نسائية من ذوات الخبرة والكفاية، تتولى التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتشجيع منشآت القطاع الأهلي على إيجاد أنشطة ومجالات عمل للمرأة السعودية دون أن يؤدي ذلك إلى فتح ثغرة لاستقدام عمالة نسائية وافدة. إلزام صندوق تنمية الموارد البشرية أن يولي أهمية خاصة لتدريب النساء السعوديات وتوظيفهن ضمن خططه وبرامجه. إلزام كل من وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية ووزارة الشؤون الاجتماعية التنسيق واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ أسلوب العمل عن بُعد كأحد المجالات الجديدة التي يمكن أن تعمل من خلالها المرأة. إلزام كل من وزارة العمل بالاشتراك مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة الخدمة المدنية وضع خطة وطنية متكاملة، تحدد الاحتياجات الفعلية من القوى العاملة النسائية في مختلف التخصصات خلال سنة من تاريخ صدور هذا القرار. قصر العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية الخاصة على المرأة السعودية، وعلى وزارة العمل ووضع جدول زمني لتنفيذ ذلك ومتابعته. إلزام كل من وزارة العمل ووزارة التجارة والصناعة ومجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية دراسة إجازة الأمومة للمرأة العاملة، للنظر في مدتها بما يعطي حافزاً وميزة إضافية للمرأة وبما لا يؤثر على الرغبة في توظيفها. وأقترح بإنشاء مجلس أعلى يعنى بشؤون المرأة، يرتبط بالملك المفدى وتترأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز التي أدى ظهورها وتألقها ثقافياً على منصة المثقفين والمثقفات بداية حقيقية ورسالة واضحة لدخول المرأة السعودية مرحلة جديدة من المشاركة الفاعلة، وأصبحت المرأة السعودية تشكل عنصراً مهماً من عناصر بناء الدولة السعودية الحديثة، وكان هذا دعماً شكل دفعة قوية للمرأة باتجاه إيجاد مكانها اللائق، على أن يتمتع هذا المجلس باستقلالية إدارية ومالية، ويعمل على رسم استراتيجية وطنية شاملة تعنى بتقدم المرأة في عملية التنمية المستدامة للدولة وبما يحقق النهضة الفكرية والعلمية والمعرفية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية والثقافية للمرأة، ويعنى بإقامة برامج توعوية وتثقيفية في المجتمع لتغيير النظرة التقليدية للمرأة والممارسات الاجتماعية التي تحط من كرامتها وحقوقها، وترسيخ فكرة إيجابية عن المرأة ودورها الفعال في بناء مجتمع متطور يتسم بالرقي ويحقق العدالة الاجتماعية المتوازنة مع التقدم الحضاري للمجتمع.