لم يدر في خلد مارك زوكربيرج مؤسس ومالك شركة فيسبوك أن يكون في يوم من الأيام من أثرياء العالم ويصبح برنامجه من أكبر مواقع التواصل الاجتماعي حضوراً على مستوى العالم. ترجع أصول مارك إلى ألمانيا وينتمى إلى الديانة اليهودية ولكنه ألحد بعد ذلك، وكان شغوفاً ببرمجة الكمبيوتر، خاصة وسائل الاتصال والألعاب. حيث قام بتطوير عديد من الألعاب والبرامج كان أولها برنامج للتواصل سماه «Zucknet» وفي سن الثانية عشرة. ظهرت ملامح الإبداع عند مارك فقام والده بجلب معلم يطور مهاراته في الكمبيوتر والاتصال، درس مارك في أكاديمية فيليبس إكستر و في خلال هذه الفترة قام بتطوير برنامج للموسيقى سماه Synapse، بعد ذلك التحق بجامعة هارفارد فطور عديداً من البرامج منها كورش ماتش ويتميز البرنامج بأنه يساعد الطلاب على اختيار صفوفهم بناءً على اختيار الطلاب النخب السابقين في الجامعة. كانت بداية برنامج الفيسبوك بسيطة ومختصرة بمعنى برنامج تواصل فوري بعد مخاض من التجارب والدراسات والمشاركات والمحاولات استطاع مارك في عام 2004 تأسيس الموقع بمشاركة مجموعة من الطلبة وهم مارك إدوارد سافرين، أندرو ما كولوم، داستن موسكوفيتز، كريس هيوز، ولكن الشهرة انصبت على المؤسس الفعلي. الحديث عن الفيسبوك وبرامجه وخصوصياته كثير جداً ولايسع المجال لذكر كل نقاطه ولكن باختصار شديد لا توجد تسمية حصرية لمعنى كلمة فيسبوك ولكن البعض يدرج المعنى تحت اسم وجه الكتاب كذلك عليك أن تعرف أن أرباح الشركة عام 2014 تجاوز 12 مليار دولار في حين ارتفعت الحسابات النشطة إلى 13 % منذ بداية 2015، ليصل إلى 1.44 مليار. أكثر من ذلك مليار مستخدم عام 2015 أي 500 مليون حساب نشط كل ساعة وهناك أكثر من 30 حساب مليون شخصي ميت ومتوفر بأكثر من 70 لغة حول العالم وللعلم الصفحة الوحيدة التي لا يمكن لأحد على وجه الأرض حذفها هي صفحة المؤسس مارك زوكربيرج. هناك عديد من الدراسات التي أجرتها فيسبوك حول العالم، لكن الدراسة التي استوقفتني هي دراسة نفسية على 700 ألف مستخدم دون علمهم، والنتيجة عدوى المشاعر والغريب في الدراسة الاستقصاء من خلال كتاباتهم وعواطفهم ومدى تأثرهم بما يُطرح، بكل تأكيد الفيسبوك طرح هذه الدراسة على جملة من الاختصاصيين في دراسة الذات وعلم الاجتماع والفيسبوك وتكشف أبرز نتائج الدراسة عن حدوث «عدوى» بين المستخدمين في المشاعر الإيجابية والسلبية؛ مما يعني أن مزاجك وشعورك يعتمد إلى حد كبير على ما تراه من منشورات على فيسبوك. وصمّم فريق من الباحثين – أحدهم يعمل لدى فيسبوك – نظامًا يتلاعب بنوع المنشورات التي تظهر على الصفحات الشخصية للمستخدمين، لتقلل مرةً عدد المنشورات ذات المحتوى الإيجابي، وتزيد مرةً أخرى عدد المنشورات السلبية بشكل ملحوظ. الآثار الثقافية التي زرعها الفيسبوك ليست بالسهلة، يكفي أن تعرف أن صاحب الموقع ملحد، وبالتالي يحمل مشروعاً من وراء ذلك وبطبيعة الحال هو يرى أن الإنسان حر بما يعتقد وبالتالي سخر شكلاً من أشكال تقارب الحضارات وانصهار الثقافات، فلم يعد المجتمع يحمل لوناً واحداً ينفرد به بل ذابت الألوان وتغلغلت مع بعض وهنا الخطر. وعلينا أن نعترف أن السلبيات أكثر من الإيجابيات، حيث أصبح الاختراق الثقافي والديني والأخلاقي والاجتماعي والسياسي سهلاً جداً وفي ظل غياب الأسرة والمنبر والمسجد أصبحنا لقمة سائغة في فم الأعداء، لكن بالمقابل الفيسبوك ساهم في قفزة نوعية في ثقافة الفرد وكسر العقلية الإسمنتية التي بنتها الهرطقات والعادات والتقاليد الزائفة، الآن بمقدور كثير متابعة نشاطات المثقفين والتنويريين والعلماء والمؤسسات الثقافية المختلفة التي من شأنها رفع الوعي الفردي والاجتماعي. بالنتيجة السلبيات والإيجابيات في أي برنامج تواصل اجتماعي تتوقف على ثقافة الإنسان وثقافة المجتمع التي يعيش فيه ومدى الاهتمام وراء ذلك، كل ما علينا أن نزرع القيم في نفوس أبنائنا أولاً وفي المجتمع ثانياً من خلال المنابر الثقافية والإعلامية.