لن أتحدث عن قرية «قاديان» التي هي الآن إحدى قرى البنجاب التابعة لحكومة باكستان، ولن أتحدث كذلك عن غلام أحمد القادياني المولود في عام 1265ه الموافق 1839م المتوفى عام 1908م وهو الذي يعدُّ مؤسِّس ومخترع الديانة القاديانية الأحمدية؛ لأن مثل هذا الكلام أشبع بحثاً ودرساً، ولم يعد للكلام عن هذه الأشياء أي فائدة، لكن الخطر الذي تحدثه هذه الفئة الدينية على وعي الناس وضمائرهم من الخطورة بمكان، لاسيما أنها وصلت للبلاد العربية، وصارت فلسطينالمحتلة هي مركزها الكبير في الوطن العربي، ولم يقتصر خطر هذه الدعوة على فلسطين من بلاد العرب حيث تسلل هذا السرطان القادياني لبلد عربي آخر مجاور لفلسطين، غير أن المتأمل في حال انتشار القاديانية في البلد المحتل من قبل اليهود الصهاينة، سيكتشف سر حضورها في البلد المفروض على أهله مقاومة المحتل الغاصب لبلادهم، لكن الإنجليز الذين أوجدوا القاديانية في الهند في أواخر القرن التاسع عشر، قد درسوا سواهم من المحتلين، ها هو الكيان الصهيوني ربيب الإنجليز في الأرض المحتلة يستفيد مما استفاد منه الإنجليز في السابق، وذلك عندما أقيمت دعوة القادياني على عنصرها الأهم وهو تحريم الجهاد ورفض مقاومة المحتل، ومطالبة الأتباع بالطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية في السابق وللحكومة الصهيونية هذه الأيام، منطلقين من مبدأ ضرورة طاعة «وليّ الأمر» المنصوص عليها في الكتاب والسنة. كلما يتغلب الأجنبي على بلد من بلدان العرب أو المسلمين تشرئب أعناق المنادين بالفكر القادياني، وإن تغيرت المسميات وتبدلت الأوجه وتباينت الألسن، وذلك أن هذا الفكر موجه ضد الإرادة فيعمل على تفتيت العزائم وتحطيم الأنفس وتسويق ثقافة الذل والهوان، ويقوم على مبدأ رفض تبديل الواقع السيّئ والرضا بما هو كائن بحجة التسليم بالقضاء والقدر، فقد اعتبر القاديانيون الجدد المحتلين في العراق وأفغانستان ولاة أمر وأن «بريمر» الحاكم العسكري للعراق بعد تنصيبه حاكماً في بغداد «وليّ أمر» واجب الطاعة، وكل من نصبه العدو المحتل للبلاد ولاة أمر، فصاروا خناجر مسمومة في صدور ونحور وظهور الوطنيين الرافضين للوجود الأجنبي، وتمادوا في هذا الفهم بأن اعتبروا كل من يرفض أو يقاوم المحتل خوارج، وعلى ضوء هذا التصوّر أصبحوا بمنزلة الطابور الخامس للمحتلين وأعوانهم يرفعون السلاح في وجه مواطنيهم تأييداً للغازي المحتل لبلادهم مسقطين شروط «جهاد الطلب» على ضروريات «جهاد الدفع» بحجة أن هذا الجهاد ليس فيه راية وليس هناك حاكم يلتف حوله الناس، علماً بأن «جهاد الطلب» يلزم فيه ولي أمر وهذا ما عمل به الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- هذه الأيام في معركة «عاصفة الحزم» إذ طلب عدوّاً خارج الحدود، أما «جهاد الدفع» فهو ما يقع هذه الأيام على أهل فلسطين وأفغانستان والعراق، غير أن القاديانيين الجدد العاملين بفكر المرجئة الذين يهملون الأعمال ويقدسون المواقف القلبية يقيسون فلسفة الحروب بعدد القتلى مع العلم أن الجزائر قد خسرت من مواطنيها مليون ونصف المليون شهيد مقابل ألوف بسيطة من القوات المحتلة، ورغم هذه الكثرة في القتل يحسب الانتصار للجزائر، وكذلك فيتنام قدمت قرابة أربعة ملايين مقابل خمسين ألفاً من المعتدين، والجميع بمن فيهم الأمريكان يقرون بانتصار فيتنام عليهم. ما دعاني لكتابة هذه السطور أن المنطقة تقف على «كف عفريت» – كما يقال- والأحداث تتسارع وتتصاعد بشكل كثيف ومخيف، وكل ما يخشاه أي إنسان بأن يعمل «القاديانيون الجدد» على إفساد ضمائر الناس وتفتيت إرادتهم حين حدوث أي طارئ لا سمح الله يهدد أمن الوطن والمواطن.