أعلنت موسكو تمديداً إضافياً لأحدث هدنةٍ في حلب، فيما أفادت مصادر بغياب أي حركةٍ للخروج من شرق المدينة. في غضون ذلك؛ انتقد الائتلاف الوطني السوري والجيش الحر خلوَّ المبادرة الأممية لإخلاء جرحى من المدينة من بند إدخال مساعداتٍ إنسانية. وشدد الائتلاف والجيش الحر، في بيانِ مشترك أمس، على دعمهما أي مبادرة جدية تستهدف فك الحصار، وإدخال مساعدات إلى المناطق المحاصَرة، وإخلاء الجرحى والحالات الحرجة. لكن البيان وصف المبادرة الأممية لإخلاء دفعة جرحى من شرق حلب ب «القاصرة». ولاحظ أنها تساهم في إخلاء المدينة «بدلاً من تثبيت سكانها في مناطقهم» وتتزامن مع عمليات تهجير قسري ينفذها نظام بشار الأسد في مناطق في ريف دمشق، وهي المعضمية وقدسيا والهامة وقبلها داريا، وسط صمتٍ أممي. وأفاد الائتلاف والجيش الحر، في بيانهما، باقتصار المبادرة الأممية الأخيرة على إخراج حالات حرجة مع مرافقين وسط ضغوطٍ أمنية وعسكرية ودون منح المقرَّر إخراجهم أي ضمانات بعدم تعرضهم للملاحقة الأمنية «ما يعزِّز الانطباع بأنها تعرِّض حياة المدنيين إلى خطر التصفية والاعتقال». واستغرب البيان المشترك ما سمَّاه «تحول الأممالمتحدة إلى أداة في يد روسيا». وشدد «آن الأوان لأن تجري الأممالمتحدة مراجعة حقيقية وعميقة لسياستها وأدائها في سوريا بعد انتخاب أمين عام جديد، حيث ساوت المنظمة خلال الفترة الماضية بين الجلاد والضحية، وساهمت في تمرير أجندات سلطة بشار والميليشيات الإرهابية الإيرانية». وفي حين يتهم الائتلاف والجيش الحر روسيا بارتكاب جرائم حرب؛ تقول موسكو إن قواتها في الأراضي السورية تستهدف «الإرهابيين». وأشار الائتلاف، على موقعه الإلكتروني، إلى خروج مظاهرات أمس في أحياء شرق حلب عبَّرت عن «رفض خطط النظام وحلفائه لتهجير السكان من منازلهم». ووفقاً للموقع؛ سار متظاهرون في شوارع الأحياء المحاصَرة حاملين علم الثورة، ورافعين لافتاتٍ كتبوا عليها باللغتين العربية والإنجليزية عباراتٍ عدَّة منها «سنصمد ولن نترك وطننا». وتحدثت مصادر أخرى عن المضمون ذاته، مؤكدةً خروج مظاهرات. فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية تمديد الهدنة في المدينة حتى الساعة السابعة من مساء السبت بالتوقيت المحلي السوري. وبدأت الهدنة صباح الخميس، وكان مقرراً انتهاؤها في مساء اليوم نفسه، قبل أن تعلن موسكو تمديدها مرةً أولى ثم مرةً ثانية، بحسب المسؤول في وزارة الدفاع الروسية، سيرجي رودسكوي. وتعتمد الهدنة بالأساس على وقف الضربات الجوية في حلب المقسَّمة منذ 4 سنوات، إذ يوالي شطرها الشرقي المعارَضة، وتحاصره حالياً قوات النظام التي تسيطر على الشطر الغربي. وذكرت وكالة الأنباء «رويترز»، على موقعها الإلكتروني، أن وقف إطلاق النار سرَى من الثامنة صباحاً ولمدة 11 ساعة، أي أن ساعات الليل خارج الاتفاق. في ذات السياق؛ أعلنت الأممالمتحدة أمس تأخير عمليات إجلاء جرحى من المدينة نظراً لما سمّته «غياب الضمانات اللازمة». وبالتزامن؛ لم يسجل ثاني أيام الهدنة أي مغادرةٍ لمدنيين أو مقاتلين من الأحياء الشرقية، بحسب ما أورد الموقع الإلكتروني لوكالة «فرانس برس». وكتبت «فرانس برس» نقلاً عن المرصد السوري لحقوق الإنسان: «منذ الثامنة صباحاً (صباح الجمعة) موعد سريان الهدنة؛ لم يُسجَّل خروج أي من المدنيين أو المقاتلين أو الجرحى من الأحياء الشرقية عبر الممرات الثمانية التي حددتها موسكو». وذكر مصوِّرٌ للوكالة بعدما تفقَّد معبري الكاستيلو (شمال) والهال (وسط) أنه لم يشاهد أي حركة عبور. وأفاد مدير مرصد حقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أنه «لا حركة على المعابر من الأحياء الشرقية، ولم يُسجَّل خروج أي من السكان أو المقاتلين حتى الآن». وأظهرت كاميراتٌ ثبَّتها الجيش الروسي انعدام الحركة على معبر سوق الهال (بستان القصر- مشارقة)، في حين توقفت شاحنات فارغة قرب سواتر ترابية عند معبر الكاستيلو. وكان اليوم الأول من الهدنة شهد اندلاع اشتباكاتٍ متقطعة في المدينة، وفق ما أفاد الموقع الإلكتروني ل «فرانس برس». فيما كانت الأممالمتحدة تطلَّعت إلى إخراج دفعةٍ أولى من الجرحى الموجودين في الأحياء الشرقية إلى مكانٍ آخر، وحددت الجمعة موعداً مفترضاً. لكن المتحدث باسم مكتب الشؤون الإنسانية الأممي، ينس لاريكي، صرَّح من جنيف: «مع الأسف لم يكن من الممكن بدء عمليات إخلاء المرضى والجرحى صباح الجمعة كما كان مقرراً؛ نظرا لعدم توفر الظروف اللازمة». وأشار المتحدث، وفقاً لما نقل عنه موقع «فرانس برس»، إلى عدم تقديم «الضمانات المتعلقة بالظروف الأمنية». ومنذ ال 7 من يوليو الماضي؛ لم تدخل أي مساعداتٍ إنسانية إلى الأحياء الشرقية. ولاحظ الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن «الجوع استُخدِمَ كسلاح» منذ بدء الهجوم على هذه الأحياء، محذراً «الحصص الغذائية هناك ستنفد في نهاية هذا الشهر». وطالب بان كي مون، خلال جلسة غير رسمية الخميس للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتأمين «وصول المساعدات الإنسانية بالكامل إلى هذه المنطقة». وفي محافظاتٍ سوريةٍ أخرى؛ أفادت شبكة «شام» الإخبارية أمس بشنِّ الطيران الحربي للأسد غاراتٍ مكثفة على مواقع في ريف دمشق وحماة وإدلب وحمص.