تتقلب الأوقات والليالي والأيام والشهور والأعوام والدهور بأمر الخالق سبحانه فهو القائل «يقلب الله الليل والنهار»، وقال سبحانه «وتلك الأيام نداولها بين الناس». عام هجري جديد نحنُ في مطلعه نسأل الله أن يكتب لنا فيه الخير والبركة، فقد فارقنا عامٌ رحل كان فيه ما كان وحصل ما حصل، فارقنا فيه أحبة وفارَقَنا فيه أناسٌ، هذه هي سنة الحياة وتدبير الخالق. فالإنسان بطبيعة حياته مسيَّر وليس مخيَّراً، فهذه التصاريف والأقدار بأمر الله، ففي مجمل العام الماضي استقبلناه في أمطار وأرض خضراء ومناظر خلَّابة تزهو بها الطبيعة، كما مرَّ علينا برد الشتاء اللطيف و»نسناس» الهواء العليل «الصلف» في مهبه، وشبة النار وفناجين القهوة في آخر الليل، وسمر الشتاء وسهرته، نار الأورطى والفحم وجمره، إشراقة الشمس والفروة والمشلح «البشت»، والكوت وطلعة البر، وبقيت الذكريات رغم مرور الوقت وتقدم العمر رغم أنف كثيرين وكثيرين؛ حاكم ومحكوم رئيس ومرؤوس. وودعنا عامنا الماضي بانزعاج كثيرين من تلك الأوامر الملكية التي ربما تكون تاريخية وسوف تغير مجرى حياة كثير من الناس في ظل الترتيبات والإلغاء والتعديل والتمديد والاستحداث الجديد وتعديل العتيق. كل عام يأتيك تتمنى العام الذي قبله وهكذا «كل عام تُرذلون» نعوذ بالله من الأرذل. بطبيعة الإنسان وحياته تجده دائماً «يتوجَّد» دائماً على ذكريات الماضي ومراحل العمر ويقول ما أجملها! وحتى لو عادت سوف ينفرها إن كان قد تغير العمر عن وقته. فأمسينا في أحد الأعوام السابقة على قمة عربية واحدة وأصبحنا على ربيع عربي «عبري» تساقط من خلاله رؤساء عرب في عشية وضحاها، نسأل الله العافية. وكم من الناس يتمنون اليوم أن لو بقيت تلك الدول على شكلها بعدما ضاع الأمن واختلط الحابل بالنابل وأصبحت دولاً مورِّدة لجميع مناطق العالم بعدما كانت واجهات سياحية يضرب بها المثل بالبركة التي تكتنفها وجمال جوها وعذوبة مائها. نسأل الله أن يكتب لنا في هذا العام الخير والبركة والعفو والعافية وأن يفتح علينا فيه بخير ويختم لنا فيه بخير. اللهم أعد علينا الأيام المباركة وأمتنا المسلمة في خير حال، متمسكة بكتاب الله وهدي رسول الله. اللهم أرنا الحق حقّاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، فبغير الحق لن نسود، وبغير البعد عن الباطل أبداً لن نعود. وكل عام هجري جديد وأنتم بخير.