كم هي كبيرة خسارتنا في الجانب «القيمي» عندما يختل في شخصٍ ما، عندها تختلط الأوراق فيصبح «الصح» خطأً، والخطأ صواباً! وكم تكون خسارتنا كبيرة حينما تصبح الحياة الزوجية، التي سمَّاها الله ب «السكن»، رخيصة إلى درجة أن تحدِّد مصيرها «كورة» منفوخة بالهواء! وكم هي كبيرة خسارتنا حينما نقرأ مقالات، ونشاهد برامج تتحدث عن «حقوق المرأة»، وما إن ينتهي أحدهم من ذلك حتى يضرب بكرامة المرأة عرض الحائط، ويحدد مصيرها في البقاء زوجةً له بفوز فريقه، فإن لم يفز فريقه «فوالله سيطلقها»! هكذا بكل سهولة واستهانة، فلا نجد أثر تلك الكتب والبرامج إلا في القنوات عند أولئك الذين أكثروا علينا بالمقالات، وقدموا برامج كانوا يكررون عبرها على أسماعنا دروساً عن حقوق المرأة، فتبين لي أنها مجرد «شعارات»، وعلمت أن محاور شعاراتهم كانت تدور حول «قيادة المرأة السيارة»، و«حق المرأة في الدخول إلى الملاعب»، وكذلك «حقها في أن تُسقط الولاية»، كل ذلك في نظرهم حقوق مهمة! وحينما كانت «الكورة» تحدد مصير امرأة لم نرَ منهم مَنْ يحتج، مَنْ يكتب، مَنْ يصرخ، مَنْ يستعرض «التغريدة»، كما يستعرضون تغريدات «واهية»! ولم نرَ مَنْ يخرج وقد نصَّب نفسه عميداً لمذهب المحبة، ونصيراً للمرأة لينصرها في ذلك الأمر. قلنا سنرى مَنْ سيجمع حول طاولته متخصصين ليناقشوا «ضياع الأخلاقيات» التي قال عنها شوقي يوماً: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ترقبت نشرات الأخبار التي اعتدنا على أن تتلقَّف مثل هذه القضايا لعرضها أمام الرأي العام، فلم يكن لا هذا ولا ذاك، وأدركت أن شعارات حقوق المرأة عند هؤلاء لا تُرفع إلا حينما يُنتهك حقها في «قيادة السيارة، أو عدم السماح لها بدخول الملاعب، أو السفر، وقد يكون السبب قضيةً أشغلتهم كثيراً وهي «كشف المرأة وجهها»! عموماً، هل الفريق المنافس لذاك الفريق الذي أقسم في حال خسارته «سيطلق المدام» كان سيلعب للهزيمة لو عَلِمَ بقسمه حتى لا يصبح مستقبل الزوجة التي هُدِّدت بلا سبب ولا ذنب في مهب الريح؟! إنسانياً أقول: نعم. لكن واقعياً تلك قضيةٌ تخصُّ الزوج وحده، فهو مَنْ ربط حياته بها، أما هم فقضيتهم «كورة وبس»، والله المستعان. لقد بتنا في زمن المضحكات المبكيات، وما أكثر ما عِبنا على الزمن، لكن كما قيل: نعيب زماننا والعيب فينا ** وما لزماننا عيب سوانا