وصف مسؤولٌ صيني المملكة بأنها بلدٌ ذو ثقلٍ ووزنٍ على مستوى الاقتصاد العالمي، ملاحظاً أهمية دورها بالنسبة لمبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وهو ذات المضمون الذي عبَّر عنه وزير التجارة والاستثمار السعودي. وذكَّر نائب وزير مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة الصيني، لونغ غوكا يانغ، بدعوة رئيس بلاده، شين جين بينغ، خلال زيارته المملكة في مطلع العام الجاري إلى إقامة علاقات قوية معها وتعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات. وتحدَّث يانغ عن المبادرة الصينية «الحزام الاقتصادي- طريق الحرير» وهدفها المتمثل في تعزيز التنمية بين الدول. وتوقَّع أن تعمِّق المبادرة التعاون بين 60 دولة في آسيا والباسيفك وأوروبا بما يخدم ثلث سكان العالم، لافتاً إلى سعيها لتعزيز متانة البنى التحتية والاستثمار في هذه الدول إضافةً إلى تعزيز التبادل الثقافي.وذكَّر أيضاً بترحيب جامعة الدول العربية ومنظمة الآسيان والاتحاد الأوروبي بالمبادرة، مبيِّناً أن للمملكة دورا مهما في هذا الإطار، فضلاً عن كونها في المرتبة الأولى من حيث الشراكة الاقتصادية مع الصين في الشرق الأوسط وغرب آسيا. ووصف يانغ «رؤية المملكة 2030» بنقطة التقاء مع الحزام الاقتصادي، إذ ستكونان حافزًا ودافعاً قوياً لدعم التعاون الاقتصادي بين المملكة والصين. وجاء حديثه خلال منتدى اقتصادي عُقِدَ أمس في بكين بعنوان «رؤية المملكة 2030 ومبادرة الحزام الاقتصادي.. معاً لغدٍ واعد» بحضور مسؤولين ورجال أعمال من البلدين. وشارك في المنتدى، الذي يُعقَد على هامش زيارة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى الصين، وزير التجارة والاستثمار، الدكتور ماجد القصبي، ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات، الدكتور محمد السويل، ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المهندس خالد الفالح، ووزير الثقافة والإعلام، الدكتور عادل الطريفي، والمشرف على صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ياسر الرميان. وشاهد المشاركون فيلماً عن تاريخ المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- رحمه الله- وصولاً إلى العهد الحاضر الميمون في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز. وأكد وزير التجارة والاستثمار، في كلمةٍ ألقاها لاحقاً، أن وتيرة النمو الاقتصادي تتطلب إمدادات ثابتة ومستدامة من الطاقة. وأبان أن المملكة على أتم الاستعداد، بوصفها أكبر مورِّد للنفط الخام في العالم، لتلبية احتياجات الصين من الطاقة، وهو الأمر الذي نهضت به خلال نحو ربع قرن من العلاقات بين البلدين، فمن خلال شركة «أرامكو السعودية» أصبحت المملكة أكبر مورِّدي النفط الخام إلى الصين وأكثرهم موثوقية. ولاحظ الدكتور ماجد القصبي أن ذلك انعكس على العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين. وأصبحت المملكة أكبر شريكٍ تجاري للصين في غرب آسيا وشمال إفريقيا، واحتلت المرتبة الأولى عام 2015 في قائمة أكبر 10 دول مصدِّرة للصين ومستوردة منها بحجم تبادل تجاري بلغ نحو 50 مليار دولار. ووصل إلى 175 عدد المشاريع السعودية الصينية العاملة في قطاعي الخدمات والصناعة في المملكة، فيما بلغت الاستثمارات السعودية في الصين نحو 15 مليار دولار. وأوضح القصبي في كلمته أن المسؤولين السعوديين والصينيين لمسوا خلال انعقاد الاجتماع الأول للجنة المشتركة رفيعة المستوى عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والفرص المتاحة للتعاون المشترك. إلى ذلك؛ تحدث القصبي عن مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تستهدف إحياء أسطورة طريق الحرير الضاربة في التاريخ. وأكد «من خلال هذه المبادرة؛ ستكون هناك مسارات اقتصادية جديدة وأنشطة استثمارية هائلة ومشاريع ضخمة في مجال البنية التحتية تربط الصين بدول آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية والشرق الأوسط وغيرها من المناطق والدول الأخرى، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى خلق عديدٍ من الفرص الاقتصادية». وتوقف وزير التجارة والاستثمار عند الخطوات الثلاث التي أوردها الرئيس الصيني في معرض حديثه عن التعاون بين بكين والعالم العربي، وهي «مراحل سلسلة القيمة في مجال الطاقة»، و«البنية التحتية والتجارة والاستثمار»، و«التقنيات المتقدمة الثلاث الخاصة بالأقمار الصناعية في مجال الفضاء والطاقة النووية والأشكال الجديدة للطاقة». ورأى القصبي أن هذا الإطار الذي ترسمه الصين ينسجم كثيراً مع «رؤية المملكة 2030» التي تهدف إلى تحقيق التقدم والرقي للمجتمع السعودي، وإنعاش اقتصاد المملكة وتمكين القطاع الخاص وجعله بيئة حيوية وتنافسية. وتابع قائلاً «إذا ما أضفنا مبادرة الحزام والطريق إلى هذا الدور الذي تتمتع به المملكة (بوصفها قلب العالمين العربي والإسلامي والقوة الاستثمارية المتوثبة والمركز الذي يربط بين 3 قارات)؛ فإننا يمكن أن نشهد كثيرا من الفرص الجديدة التي يمكن لكلٍّ من الصين والمملكة استغلالها وتنفيذها، بل والذهاب إلى ما هو أبعد من تلك الفرص لبناء مستقبل أكثر ازدهاراً لشعبي البلدين بصفة خاصة والمجتمع الدولي بصفة عامة». وبعدما قدَّم وزير التجارة والاستثمار رخصةً إلى شركة «هواوي» الصينية لممارسة النشاط التجاري في المملكة بنسبة 100%؛ شارك المسؤولون السعوديون الحاضرون للمنتدى في جلسةٍ حواريةٍ تناولت الأفكار والجوانب المتصلة بتعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات؛ في إطار «رؤية المملكة 2030» ومبادرة الحزام الاقتصادي. ثم وقّعت شركات صينية وسعودية على مذكرات تفاهم واتفاقيات في تطوير الطاقة الشمسية وتطوير وإدارة المدن الصناعية، علاوةً على اتفاقية تعاون لإنشاء مجمع للبتروكيماويات في إحدى المدن الصينية، وإقامة شراكة استراتيجية في برنامج المدن الذكية وتطوير وإدارة المدن الصناعية.