في مرحلة المراهقة مرحلة الشقاء العبثي كنت أحد المهووسين بالفنان الشعبي الراحل «فهد بن سعيد» وكنت أملك كمية هائلة من أشرطته وأغلفة الكاسيت الخاصة به وحفلاته، بل وأحفظ جميع أغانيه، ووصلت بي حالة الهوس «المراهقي» إلى أنني كنت من الممكن أن أتشاجر مع أحدهم إذا أساء ل «فهد بن سعيد» أو مَس أغنياته بتهكم لأن ذلك كان يعني لي مسألة حياة أو موت حيث كان رمزاً فنيّاً عظيماً؛ فقد شكل بن سعيد قيمة استحوذت على ذائقة جيل كامل ترنم وتربى على فنه وأغانيه، وهذّب سلوكياً وعذب جوارحه بصوته الأخّاذ. قبل 14 عاماً توفي بن سعيد مخلفاً وراءه حالة من المعاناة والفقر والعوز والفاقة، رغم شيكات الذهب التي كانت تقدم له على بياض من قبل شركات الإنتاج من أجل أن يعود إلى الفن، إلا أنه رفض كل ذلك وقال «ما عند الله خير وأبقى». رحل بن سعيد فقيراً مخلفاً وراءه أطفاله الصغار كما عانى في بداية حياته من النفي والتمرد والتشنيع والطرد من قبل أسرته. خلال الأيام السابقة عاد فهد بن سعيد إلى المشهد مؤخراً وإلى الواجهة ولكن بشكل مغاير ومختلف وذلك من خلال ابنته فاطمة ذات ال 19 عاماً كأول فتاة تحصل على صك يسقط عنها الولاية؛ فمنذ أن نشرت صورتها وهي تحمل جواز السفر حتى هبّت طوفانات الاستهجان والإنكار عليها.. أنا لست مع أحد ولا ضد أحد في هذا الموضوع فيما يخص صك الولاية؛ خصوصاً أنني ضد «بعض» تصرفات من يدعون أنهم حقوقيون ويحاولون أن يحرجوا الدولة، بل أرى دائماً أن الدولة هي الأعلم والأعرف بالأخص في شؤون مواطنيها.