يلجأ الغالبية من أصحاب المشاريع والمنشآت الصغيرة الاستهلاكية منها على وجه الخصوص إلى تقليد نموذج مشروع سابق دون أدنى دراسة أو بحث لمشروعه الجديد، وذلك طمعاً في التقليل من قيمة التكلفة الإجمالية للمشروع، وهذا التكرار الفقير لدراسة جدوى اقتصادية حتما لن يصب في خدمة المستهلك ولا صاحب المشروع على حد سواء. سياسة التسويق تبدأ من خدمة المستهلك، كما أن أول عامل يؤثر على انتشار المنتج ونجاحه هو قيمته التسويقية، والابتكار والبحث عن أفكار جديدة يسهم في رفع معايير جودة ونوعية المنتج، وذلك تلبية لرغبة المستهلك، وعلى هذا الأساس يصبح صاحب المشروع قادرا على المنافسة وترويج بضاعته داخل السوق ليصل إلى أكبر شريحة من المستهلكين وجني الكثير بجهد أقل وضمان عمر أطول للمشروع أو المنشأة. المشاريع الجديدة وإن كانت منشأة صغيرة بحاجة إلى دراسة جدوى اقتصادية من أصحاب الخبرة، والأخذ بعين الاعتبار حاجة المستهلك لذلك المنتج وحجم طلب السوق، والإمكانات المادية المتاحة، واختيار الموقع الجيد للمشروع، ومن ثم اتخاذ القرار لكيفية التنفيذ. الاتكالية والتقليد دون دراسة جدوى اقتصادية تجرنا إلى براثن الفشل وسوء التنفيذ، وإن كان المشروع السابق ظاهريا صمم بطريقة عصرية فقد يكون مكرراً يفوق المعدل الاستهلاكي أو فاشلاً في الجودة والإنتاج. كم من صاحب مشروع احتفل بانطلاق مشروعه على أرض الواقع ولم يتسلح بكافة العوامل اللازمة وانتهى به المطاف إلى فشل مشروعه وتعثره قبل أن يثبت أقدامه في السوق. التأني ودراسة الجدوى الاقتصادية والأبحاث ذات العلاقة لها مردودها في جودة المنتج، وأرضية صلبة لانطلاق المشروع بقوة تمكنه من التحليق في سماء النجاح والمنافسة بأجنة مفتولة. جشع أصحاب المشاريع قادهم إلى التخلي عن دراسة الجدوى الاقتصادية والموضوعية لمشاريعهم، وأصبح التقليد والتبعية ديدناً وسياسة متبعة خاصة للمنتجات الاستهلاكية وصغار المستثمرين، فما إن ينجح مشروع إلا ونرى العرب تشد رحالها من كل حدب وصوب لتقليد ذلك المشروع دون أدنى تفكير بالنواحي الإبداعية وأهمية الدور الريادي والطلائعي، وغالبا ما تكون فكرة المشاريع الجديدة تأتي بالتبعية «نسخ ولصق». صناعة موجة الإبداع تحتاج للجرأة والإقدام والابتكار واستقطاب أصحاب الخبرة والكفاءات للنهوض بالمشروع ومساندته لتحقيق أهدافه، حتى وإن أضافت هذه الدراسات زيادة كلفة على صاحب المشروع في النهاية هي موجة يجب أن ترى النور وتحلق في سماء الإبداع، وحينها سيعوض صاحب المشروع أضعاف تلك التكاليف في مدة أقصر مع ضمان عمر أطول لمشروعه. أصبح التقليد سمة اجتماعية في عالمنا العربي وتحديدا في تنفيذ المشاريع والمنشآت الصغيرة، مما يزيد من تعثر خطواتها من البداية وتكللها بالفشل في النهاية، وذلك لأسباب عدة يأتي في مقدمتها سوء التخطيط والتنفيذ، لينتهي بها الحال إلى رفع تلك اللافتة الدارجة في الأسواق (للتقبيل لعدم التفرغ)، فيصبح ذلك الحلم مجرد ذكرى كلما مرت على شريط الذكريات قلّب صاحبه أكف الحسرة والندم.