بحث رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سبل تعزيز الدور الأوروبي في ظل أزمة هوية، وذلك بعد ظهر أمس قبالة السواحل الإيطالية في البحر المتوسط. وقال رينزي في صفحته على فيسبوك: «حيال المشكلات، علينا أن نختار إما أن نبحث عن مذنب، أو عن الحل المناسب، ونعمل من أجل تسوية المشكلات. ونود أن نحيي دور أوروبا كمثل أعلى قوي للوحدة والسلام ما بعد بريكست، وبعد أن ضربها الإرهاب في الصميم». واستقبل رينزي في نابولي بجنوب إيطاليا ميركل، وهولاند قبل أن يرافقهما إلى فينتوتيني، الجزيرة الصغيرة الواقعة بين روما ونابولي، التي تؤوي ضريح إلتييرو سبينيلي، مؤلف «بيان فينتوتيني» الذي عرض فيه عام 1941 تصوراً لأوروبا فيدرالية. وبعد ذلك اجتمع المسؤولون الثلاثة على مائدة العشاء على متن حاملة الطائرات «جاريبالدي» التابعة للبحرية الإيطالية. وحمل قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي قادة فرنساوإيطالياوألمانيا على الاجتماع سريعاً لبحث تبعات بريكست على مستقبل الاتحاد الأوروبي، وعقدوا قمة ثلاثية أولى في ال 17 من يونيو في برلين، دعوا فيها إلى إعطاء «دفع جديد» لأوروبا. وعُقد لقاء أمس في المتوسط قبل ثلاثة أسابيع من قمة أوروبية استثنائية مقررة في ال 16 من سبتمبر في براتيسلافا، دُعي إليها بعد صدمة نتيجة الاستفتاء البريطاني. وتوصي فرنساوإيطاليا إزاء هذا التحدي بتعزيز التكامل الأوروبي لا سيما على صعيد الأمن والدفاع. وقال الرئيس الفرنسي في يوليو في لشبونة: «ستكون هذه إحدى العبر التي سيتعين علينا استخلاصها من بريكست. الدفع الذي يتحتم علينا إعطاؤه للبناء الأوروبي». متحدثاً في المحطة الأولى من جولة أوروبية مصغرة. وإقامة «نظام شنغن أمني للتصدي للإرهاب» طرحٌ تدعو إليه أيضاً الحكومة الإيطالية. وأوصى وزير الخارجية باولو جنتيلوني، ووزيرة الدفاع روبرتا بينوتي في مقالة مشتركة، نُشرت في ال 11 من أغسطس بتشكيل «قوة أوروبية متعددة الجنسيات» بقيادة مشتركة يتم تكليفها مهمات محددة. وطرحت فرنسا من جهتها فكرة تمويل أوروبي بواسطة «سندات أوروبية» لدعم هذه المشاريع العسكرية المشتركة. وتشدد باريس على أنه «يجب أن تكتسب أوروبا على هذا الصعيد استقلالية استراتيجية». كما تدعو باريس إلى تشكيل قوة أوروبية من حرس الحدود على وجه السرعة لتعزيز حدود الاتحاد الخارجية وضبطها بشكل أفضل. ويحظى هذا الطرح بموافقة ميركل التي تراجعت شعبيتها بعدما فتحت أبواب ألمانيا أمام تدفق المهاجرين، وكذلك رينزي الذي ينظر بقلق إلى تزايد عدد المهاجرين الوافدين إلى بلاده أسبوعاً بعد أسبوع. وسيبحث القادة الثلاثة أيضاً في الاقتصاد. واقترح فرنسوا هولاند مضاعفة قيمة خطة يونكر للاستثمارات «315 مليار يورو بين 2015 و2018»، لتشمل وسائل النقل النظيفة، وتحديث القطاع الرقمي والبحث. من جهته، يؤيد رينزي استخدام قسم من هذا التمويل للتنمية الثقافية في أوروبا. لكن رئيس الحكومة الإيطالية يسعى خصوصاً إلى إقناع زميليه بدءاً بالمستشارة الألمانية بالتخلي عن ربط أوروبا ب «الحسابات المالية» في وقت تسجل الحركات الشعبوية تقدماً في كل أنحاء القارة. أما ميركل، فتبدي حذراً شديداً حيال هذه المشاريع، وبصورة عامة حيال أي توجه «فيدرالي» في مواجهة الأزمة الناجمة عن القرار البريطاني، خصوصاً في وقت تُقبل فيه ألمانيا على انتخابات تشريعية العام المقبل. كما تدخل فرنسا مرحلة انتخابية مع الانتخابات الرئاسية العام المقبل، ويخشى كثيرون أن يهيمن الجمود على الوضع القائم قبل هذه الاستحقاقات.