يُعدّ مهرجان بريدة للتمور أحد أهم المهرجانات الاقتصادية والسياحية التي تلقى إقبالاً جماهيريّاً في منطقة القصيم، كما يشهد حضوراً واسعاً من دول الخليج في كرنفال سنوي لجلب أفضل أنواع التمور وأميزها، حيث يستقبل يوميّاً آلاف الأطنان من التمور التي تتجاوز أكثر من 35 نوعاً من التمور التي تنتجها مزارع المنطقة. ويبدأ الاستعداد لموسم التمور من قبل المزارعين والتجار في وقت مبكر يتمثل أولاً في الاهتمام والعناية بالنخيل حتى اكتمال نضوج الثمار وذلك بتحديد جودة ومستوى المنتج الذي سيعرض للبيع، كما يشكل المهرجان ملتقى مهمّاً لتجار التمور من أفراد ومؤسسات تهتم بالتنافس على بيع أعلى الكميات وتوفير أفضل الأصناف للمتسوِّقين وتنظيم طرق عرضها داخل ساحات المهرجان بشكل جمالي يجذب الزوار يصاحب ذلك أصوات الدلالين بنبرات رنانة وجذابة تلفت انتباه الزوار. وأهم ما يميز مهرجان بريدة للتمور تنوع الأصناف واختلاف مستوياتها حسب حاجة المتسوقين وتفاوت الأسعار بدءاً من 55 ريالاً حتى 350 ريالاً لنوع السكري منه الذي يعد المنتج الأول والأكثر في المهرجان وله عدة أسماء منها «الرطب، المفتل، الجلكسي»، وهناك كثير من الأصناف أبرزها «الونانة، السكرية الحمراء، نبتة علي، خلاص القصيم، الرشودية، سباكة، أم كبار، عسيلة». ويُعدُّ السوق فرصة لتبادل الخبرات بين منتجي التمور من المزارعين في المنطقة والتجار المحليين والدوليين الذين يحرصون على استمرار المنتجات بأفضل المستويات وذلك لحاجة وطلب السوق على مدار العام، حيث يوزع المنتج في المعارض الخاصة والمحلات، وكثير منه يتم تصديره إلى دول الخليج والعالم من خلال بورصة البيع المعدة خصيصاً لذلك داخل المهرجان وساحات التصدير التي تُعدُّ الساحة الأكبر لتصدير منتج موسمي داخل المملكة. التقت وكالة الأنباء السعودية في أرض المهرجان بمالك مزارع «الإقليم» صالح النويصر المهتم بإنتاج «الجلكسي» أحد مسميات التمور، مبيناً أن المهرجان مورد حقيقي والداعم الأول للمنتجين والمزارعين بعد الله، لا سيما أن النخلة بركتها مذكورة في القرآن الكريم وهذا يؤكد عظمة هذه الشجرة المباركة إلى جانب فوائدها الصحية التي أثبتتها الدراسات العلمية كونها منتجاً غذائيّاً صحيّاً متكاملاً. ويحوي المهرجان بين جنباته عديداً من الفعاليات والأنشطة من أبرزها فعاليات الحرفيين الذين يتنافسون لإبراز مشغولاتهم اليدوية البدائية الصنع مثل بعض الأواني الخشبية ومصنوعات سعف النخل وغيرها من المشغولات النادرة، ومشاركة الأسر المنتجة في عرض منتجاتها من الأطعمة الشعبية، وفعالية ظلال النخيل التي يعيش فيها الزائر أجواء الماضي من خلال الإقامة في المزارع القريبة من أرض المهرجان، والتعرف على طبيعة الزراعة وكيفية الاهتمام بالنخيل وطرق العناية به، بالإضافة إلى المعارض المصاحبة للمهرجان التي تعنى بالتمور، وبضبط الجودة ومكافحة الغش وتوعية المزارع والتاجر بأهمية جودة المنتج وتقديمها للمستهلك في قالب صحي وجودة عالية. أخذ مهرجان بريدة للتمور، بالتعامل مع واقع الأرقام التي تُعد قياسية في حجم المبيعات، وفي كمية العرض من أصناف التمور المتنوعة. فبعد انتهاء الربع الأول من أيام المهرجان أمس، توقعت اللجنة المنظمة للمهرجان، أن يبلغ حجم التداولات والصفقات التي نفذت بين المزارعين وتجار التمور والمستهلكين خلال التسعة أيام الماضية أكثر من 150 مليون ريال، داخل ساحات البيع في مدينة التمور ونوافذ التسويق المحيطة بها. وبيّنت توقعاتها أن هذا الرقم كان نتيجة لبيع قرابة مليونين ونصف المليون عبوة تمر كرتونية، طغى «السكري» فيها بنسبة كبيرة على معظم الأصناف. وتوقّع الرئيس التنفيذي للمهرجان عبدالعزيز المهوس، أن تتزايد معدلات البيع خلال الأيام المقبلة التي تعدّ ذروة موسم «خراف النخيل» من قبل المزارعين، خاصة بعد موجة الحر التي شهدتها المنطقة خلال الثلاثة أيام الماضية، بالإضافة إلى قيام المزارعين بجلب بقية الأصناف الأخرى من التمور التي لاتزال لم «تخرف» حتى الآن. إلى ذلك شهد الموسم الحالي حراكاً مرضياً في الأسعار، ويشير المهوس إلى أن الثبات والاستقرار وانخفاض الأسعار هو السائد حالياً، مبيناً أن موسم هذه السنة يعدّ من أفضل المواسم، والسبب وفرة التمور وزيادة الطلب عليها داخلياً وخارجياً، مما حقق إيرادات جيدة للمزارعين وتجار التمور. من جهة ثانية بدأت نبتة (العجوة) التي تشتهر في مدينة النبي -عليه الصلاة والسلام- «المدينةالمنورة» تقتحم سوق مدينة التمور في بريدة، بعد نجاح زراعتها في مزارع بريدة، ووجدت لها زبائن يتنافسون عليها، فما أن يتخابر الناس وجود سيارة تحمل تمرة العجوة حتى يتسابقون عليها مطالبين بالدلالة على التمرة حتى وإن لم يحن دورها للظفر بها.