اعتبرت أمريكا أمس الخطوات الأخيرة الصادرة عن الانقلابيين في اليمن في حُكم العدم ولا أثر لها، فيما أفاد مصدرٌ ميداني بتقدُّم قوات الشرعية في شرق مدينة تعز. وندَّد السفير الأمريكي لدى اليمن، ماثيو تولر، خلال لقاءين في الرياض مع ساسةٍ يمنيين بتشكيل الانقلابيين ما أسموه «مجلساً سياسيّاً» ودعوتهم البرلمان إلى الانعقاد بالمخالفة لمرجعيات الحل السياسي. في ذات الإطار؛ عدَّ وزير الخارجية في الحكومة الشرعية، عبدالملك المخلافي، دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد وتشكيل «مجلس سياسي» محاولةً فاشلةً لشرعنة الانقلاب على السلطة الدستورية بقوة السلاح. وأبلغ المخلافي السفير تولر، خلال لقائهما، أن الإجراءات الأخيرة من جانب الانقلابيين غير شرعية من كافة النواحي وتشكِّل مخالفة صريحة لنصوص الدستور والمبادرة الخليجية التي مددت لمجلس النواب وجعلت قراره توافقيّاً. وكانت الميليشيات المتمردة شكلت مؤخراً ما أسمته «مجلساً سياسيّاً أعلى» وزَّعت مقاعده، وعددها 10، على طرفي الانقلاب «جماعة الحوثي وفرعٌ موالٍ للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام» بالتساوي. كما دعت الميليشيات مجلس النواب إلى الانعقاد. ولدى لقائه تولر؛ جدَّد المخلافي التأكيد على اهتمام الحكومة الشرعية بخيار السلام. ولفتَ انتباه السفير إلى قبول الوفد الحكومي، الذي شارك في مشاورات الكويت، مشروعَ الاتفاق المقدَّم من الوساطة الأممية في حين رفضه وفد الانقلاب. ووفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ»؛ بحث الوزير والسفير المستجدات السياسية والعلاقات الثنائية، إذ ثمَّن الأول دعم الولاياتالمتحدة المستمر للحكومة الشرعية. كما بحثا وضع المعتقلين اليمنيين في سجن جوانتانامو الأمريكي في كوبا، الذين تنوي الإدارة الأمريكية الإفراج عنهم في إطار توجُّه الرئيس، باراك أوباما، لإغلاق المعتقل قبل نهاية ولايته أواخر العام الجاري. ونقلت الوكالة عن تولر تجديده التأكيد على وقوف بلاده بجانب الحكومة الشرعية؛ واعتبارَه الإجراءات أحادية الجانب المتمثلة في إعلان المتمردين عن «مجلس سياسي» لا تتوافق مع متطلبات السلام، بل وتتناقض كليّاً مع مرجعيات الحل المقرَّرة، وهي قرارات مجلس الأمن خصوصاً القرار 2216 لسنة 2015، فضلاً عن المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني. في سياقٍ متصل؛ التقى تولر أمس رؤساء الكتل البرلمانية اليمنية برئاسة نائب رئيس مجلس النواب، محمد علي الشدادي. وناقش اللقاء، بحسب ما أوردت «سبأ»، تبِعَات إقدام الميليشيات على تشكيل «مجلس سياسي» ودعوة البرلمان إلى الانعقاد، بالمخالفة للدستور والمبادرة الخليجية. وعدَّ رؤساء الكتل البرلمانية هاتين الخطوتين انعكاساً لصلف الانقلابيين وتحدِّيهم الإرادة المحلية والإقليمية والدولية، ما يُضافُ إلى جرائمهم السابقة المتمثلة في الانقلاب وما تبعَه من قتلهم وتشريدهم المواطنين بجانب تدميرهم ونهبهم مؤسسات الدولة. وطالب رؤساء الكتل الدول الراعية للمبادرة الخليجية بالضغط على الميليشيات لإيقافها عند حدها. كما طالبوا السفير تولر بحثِّ حكومة بلاده على ممارسة الضغوط على الميليشيات المتعنتة، لأن ما تقوم الأخيرة به لن تكون له أي صفة شرعية أو قانونية، إلا أنه سيعرِّض اليمن إلى مزيدٍ من الأزمات. وأبدى تولر تفهماً كبيراً لما طُرِحَ خلال اللقاء. وأكد أن ما أقدم عليه الحوثيون وصالح من تشكيلٍ لمجلسٍ سياسي ثم دعوةٍ لانعقاد مجلس النواب ليس إلا عملاً تقسيميّاً لا يعتمد على الدستور ولا على قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن، بحسب ما نقلت عنه «سبأ». واعتبر تولر أن هاتين الخطوتين، اللتين ترفضهما بلاده بسبب مخالفتهما أيضاً الدستور اليمني والمبادرة الخليجية، تستهدفان عرقلة المساعي المبذولة لتطبيق القرارات الأممية ولا تحترمان القرارات الدولية التي تقضي باستعادة مؤسسات الدولة وخروج الميليشيات المسلحة من المدن. ووفقاً لما نقلته الوكالة عن السفير؛ فإن «ما يترتب على خطواتهم (الحوثيين وصالح) في حكم العدم لأنه لا يرتكز على أي أساس دستوري ومخالف لكل الاتفاقات». وسيلتقي تولر سفراء الدول ال 18 الداعمة للمبادرة الخليجية، وسيناقش معهم هذه التطورات، بحسب ما أكد لرؤساء الكتل البرلمانية. من جهةٍ أخرى؛ أبلغ عبدالملك المخلافي نظيره الروسي، سيرجي لافروف، باستمرار الحكومة الشرعية في دعم جهود المبعوث الأممي لتحقيق السلام في إطار المرجعيات المتفق عليها. وعبَّر المخلافي، خلال اتصالٍ أمس مع لافروف نقلت «سبأ» تفاصيله، عن تقديره مساندة موسكو لحكومة بلاده في جهود تحقيق السلام. فيما أكد لافروف استمرار بلاده في دعم المشاورات التي ترعاها الأممالمتحدة، معرباً عن دعمها لما قدمه المبعوث الأممي من تصورات بما في ذلك دعم استمرار التهدئة والإفراج عن معتقلين وفك حصار المتمردين حول المدن. ميدانيّاً؛ تواصلت أمس المعارك بين قوات الشرعية والانقلابيين في شمال شرق صنعاء «وسط». وأفاد متحدثٌ باسم قوات الجيش الوطني الموالي للشرعية بمقتل 4 من أفراد الجيش مقابل 22 انقلابيّاً على الأقل خلال 24 ساعة في منطقة نهم. وأشار المتحدث إلى مقتل 12 مسلحاً انقلابيّاً آخرين جرَّاء غارةٍ للتحالف العربي على موقعٍ عسكري في قطاع ميدي «شمال». في الوقت نفسه؛ أكدت مصادر عسكرية موالية للشرعية شنَّ مقاتلات للتحالف غارات على مواقع عسكرية للحوثيين وحليفهم صالح في صنعاء. غرباً؛ قصفت الميليشيات الانقلابية قرى مديرية الصلو في تعز ما أسفر عن مقتل 4 مدنيين وجرح 23 آخرين؛ بحسب ما أعلنت اللجنة المشرفة على تثبيت وقف إطلاق النار في المحافظة. واتهمت اللجنة، في بيانٍ لها، المتمردين باستهداف المدنيين في قرى الصلو بصواريخ الكاتيوشا وبالاستمرار في خرق اتفاق الهدنة بدليل استهداف معظم مديريات محافظة تعز أمس الأول بصواريخ الكاتيوشا والدبابات والهاونات والرشاشات المتوسطة. ووفقاً للبيان؛ قصفَ الانقلابيون طريق صبر والديم، وأحياء الأخوة وثعبات والدمغة «شرق تعز»، إضافةً إلى جبل جرة وأحياء الزنوج وعصيفرة والروضة «شمال». وسجَّلت اللجنة نفسها إرسال الميليشيات تعزيزات إلى الصلو بواقع 16 من الأطقم العسكرية محمَّلة بالمسلحين الذين تم توزيعهم على مداخل المديرية. ودعت اللجنة المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لفك الحصار عن مدينة تعز «مركز المحافظة» من كل الاتجاهات، كونه تسبَّب في كارثة إنسانية صعبة. في غضون ذلك؛ أعلن مصدر ميداني في المدينة استعادة قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية عدداً من الأحياء في حارة قريش بالجهة الشرقية لتعز بعد معارك عنيفة ضد الحوثيين ومسلحي صالح. ونقل موقع «المصدر أونلاين» اليمني الإخباري عن المصدر أن المقاومة استعادت جزءاً من مدخل الحي واقتربت من سور مدرسة عقبة في الوقت الذي استمرت فيه المعارك بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة. ولاحظ الموقع الإخباري تنفيذ المقاومين هجوماً على مواقع الحوثيين عبر محورين، الأول من اتجاه جامع عقبة والثاني من ناحية صالة. ووفقاً للمصدر الميداني نفسه؛ سقط 10 من المسلحين المتمردين قتلى بينهم القيادي الحوثي الميداني «أبو كحلان» الذي قُتِلَ في حي حسنات السفلى بقذيفة مدفع 106 بينما قصفَت المقاومة تجمُّعاً للمسلحين الحوثيين في حي بازرعة قرب قصر الشعب. في المقابل، قُتِلَ 3 من أفراد المقاومة الشعبية أبرزهم المهندس الأثري والمؤرخ، محمد دبوان، فجر الخميس بلغمٍ زرعه متمردون في منطقة ثعبات، كما أُصيب المصور، وليد القدسي، بحسب المصدر نفسه.