الكتاب: مدونة هيكاتيوس. المؤلف: جديد النجيمي. الناشر: دار الانتشار العربي، بيروت 2012م. صدرت حديثاً رواية جديدة للكاتب محمد النجيمي سبق ونوهت عنها جائزة الشارقة في دورتها السابقة، وستكون معروضة في جناح دار الانتشار العربي في معرض الرياض الدولي للكتاب، كما يمكن الحصول عليها عن طريق موقع النيل والفرات. يقول السارد في أحد مقاطع الرواية: اسمي هيكاتيوس، كتبت كتاباً اسمه «صانع القصص»، ورسمت خريطة للعالم، وألَّفت في الأنساب. زرت طيبة واجتمعت بكهنة زيوس. رأيت أشياء كثيرة وجبت العالم كما لم يفعل إغريقي قط. هذا الكتاب أسطره في خريف العمر قبل أن تنضب الحرف وتتوه مني الحكمة. أكتبه لأنه يروي حكاية غامضة، وأنا أعشق الحكايا. هذا ما جعل بعض مجايلي يسخرون مني، ولن أعدم من يفعل ذلك بعد موتي بزمن طويل. لا يهم.. أنا تعودت أن أقطن ما بين الكتابة والرواية، ويستهويني ذلك، وأحسن فعله. ذات يوم سخر مني قميء اسمه ثوقيديدس، وشتم الرواة جميعاً، وتجاهلته وتسليت برؤية الفيلسوف مغتاظاً، وأسهبت في الضحك. يبدو أن الفلاسفة يكتبون من الخارج، ولا يملك الراوية إلا أن يعيش الكتابة من الداخل. النقش الذي رقنته على أول هذا الرق وجدته قبل سنوات في حجرة قصية مهملة في معبد قرب ميليتوس، لغته من لغتنا، وحروفه تتهجى أبجديتنا، والأسماء والأماكن والأشياء فيه تبدو كحكاية خرافية لا علاقة لها بنا. لكنها خرافة لا تشبه شيئاً مما ألفته، أو سمعته من المنشدين، أو الحكاءين الذين صادفتهم في حياتي. لا أعرف مفردة المطار، ولم أتخاذل في التنقيب والسؤال حتى أعيتني الحيل. جهلت ستار بوكس، ولم أسمع في حياتي المديدة بلفظ يشبه كمبيوتر، ومازالت الحيرة سيدة تشغلني حتى استبد بي العماء.