انتظر كثيرون قمة بغداد لتكون إعلانا عن عودة العراق إلى الحضن العربي بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق وترسيخا لحقيقة انتماء بغداد إلى الصف العربي رغم كل محاولات إيران سحب العراق من هذا الصف لتجعله دولة تابعة لها. ومع اقتراب موعد انعقاد القمة يبدو أن تحقيق هذا الأمر بعيد المنال، فالمالكي والقوى المتحالفة معه لازالت تسبح في فلك إيران وتفضل التحالف معها والدخول في مواجهات سياسية وقضائية مع شركائها في إدارة البلاد في تصرفات تكاد تودي بالعراق بأكمله إلى مواجهة بين مختلف أطيافه. وبالنظر إلى مواقف الكتل السياسية في العراق يمكن أن ندرك جيدا من يحرص على ترسيخ علاقات وثيقة مع الدول العربية ومن يتجاهل هذا الأمر مستندا على طهران كمرجع له، فقائمة «العراقية» التي يترأسها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي تود أن تطرح الخلافات العراقية السياسية على طاولة القمة العربية المنتظر انعقادها في بغداد كي تساهم الدول العربية في حل الخلافات وتقريب وجهات النظر ما سيسهم في إنهاء حالة الشلل التي تعيشها العملية السياسية العراقية. وبالمقابل يرفض ائتلاف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي هذه الخطوة ويؤكد أنه سيواجهها برفض قاطع وأيضا يرى التيار الصدري أن هذا الأمر شأن داخلي لا يحق لأحد التدخل فيه، والغريب أن الطرفين الرافضين لطرح الخلافات العراقية على القمة العربية بدعوى التدخل الخارجي هما أكثر الأطراف اعتمادا على التدخل الخارجي عندما يأتي من طهران على شكل رأي أو طلب أو توجيه أو قرار، والأغرب أن هذا الرفض للدور العربي في العراق يترافق مع تأكيد عربي دائم على عدم وجود مطامع عربية في العراق وعلى حرص عربي على استقلالية العراق، بينما الدور الإيراني يسخر العراق لتحقيق مصالح طهران في الإقليم. وهذه المواقف لا تبعث على الطمأنينة خاصة قبل القمة العربية التي تعقد في أوضاع خطيرة في الوطن العربي حيث تشهد سوريا حرب إبادة وتعيش ليبيا على وقع أصوات التقسيم وتكاد السودان تدخل في حرب مع شطرها الجنوبي ويعاني اليمن من ضربات موجعة من تنظيم القاعدة، وعلى العراق بصفته رئيس القمة العربية أن يضع انتمائه العربي قبل كل شيء وأن لا يسمح لأي طرف بالتأثير عليه إن أراد أن يترأس هذه القمة بنجاح وأن تخرج بقرارات ترسخ في الذاكرة العربية كقرارات خرجت من قمة بغداد مرسخة عودة العراق إلى الحضن العربي.