انهمك المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، في التعامل مع تبعات عددٍ من هفواته الأخيرة، وسط سلسلةٍ جديدةٍ من استطلاعات الرأي السلبية. تزامَن ذلك مع تكرار رئيس مجلس النواب، بول راين، أن دعمه للملياردير ليس مضموناً. وبشدَّة؛ انتقد راين (جمهوري) أداء ترامب، وهو قطب عقارات شديد الثراء من نيويورك، قبل 96 يوماً على موعد اختيار الناخبين بين الأخير والمرشحة الديموقراطية، هيلاري كلينتون. كما شكَّك أعضاءٌ من الحزب الجمهوري في قدرة مرشحهم على الحفاظ على الرسالة المراد إيصالها والبقاء على الخط المحدد، وسط تفاقم حدَّة الحملة الانتخابية. وفي الأيام الأخيرة؛ أغرق ترامب حملته في المتاعب، بسبب تهجُّمه على عائلة جندي أمريكي مسلم قُتِلَ في العراق، ثم رفضه دعم راين والسيناتور جون ماكين في حملة إعادة انتخابهما في الكونغرس. وفيما أكد راين مواصلة دعم ترامب رغم الجدل مع ذوي الجندي همايون خان؛ شدَّد في حديثٍ مع إذاعةٍ في ويسكونسن على "أن هذا ليس بأي شكل شيكاً على بياض". وقال "كان الاعتقاد أننا سنركز على هيلاري كلينتون ونقاط تقصيرها كافة"، مستدركاً "إنها مرشحة ضعيفة إلى حدٍ يجب أن نكون في أوج حملة الهجوم عليها، لكن من المؤسف أننا لا نتطرق إلى ذلك حالياً". على الإثر؛ سعى مرشح الجمهوريين إلى تجاوز كل ما قد يشتِّت الانتباه، فعاد بحملته إلى الطريق مكرِّراً خطابه المعتاد، أي مهاجمة المهاجرين من أفغانستانوالعراق وباكستان والصومال وسوريا على سبيل المثال. وصرَّح الملياردير في لقاءٍ انتخابي في بورتلاند (شمال شرق) أمس الأول "إننا نسمح لأشخاصٍ بالوفود من دولٍ إرهابية، يجب ألا يكون هذا مسموحاً لأننا لا نستطيع التحقق منهم"، علماً أنه بنى خطابه الدعائي على رسالةٍ مناهضة للهجرة. وأضاف "لا أحد يعلم من يكونون، هذا قد يكون أكبر حصان طروادة في التاريخ"، مكرِّراً التحذير من تسلل إرهابيين، بينهم أعضاءٌ في تنظيم "داعش"، إلى الولاياتالمتحدة مدعين أنهم لاجئون. وفي ديسمبر الماضي؛ أثار المرشحُ الاستهجانَ عند دعوته إلى حظرٍ مؤقتٍ لدخول المسلمين إلى بلاده، كما انتقد كلينتون على السعي عدة مرات لإجازة دخول لاجئين أكثر مما فعل الرئيس الديمقراطي، باراك أوباما. والثلاثاء الماضي؛ خاطب ترامب أنصارَه بالقول "هيلاري تريدهم أن يأتوا بمئات الآلاف (..) لا يمكن الوثوق بها إطلاقاً فيما يتعلق بالأمن القومي". ووجَّه أوباما، بدوره، انتقاداتٍ إلى المرشح الجمهوري المترنح بعد أيامٍ من حديث الأخير عن احتمال تزوير في انتخابات الرئاسة في ال 8 من نوفمبر. وعلَّق أوباما، خلال مؤتمر صحفي عُقِد الخميس في البنتاغون، قائلاً "إذا كان ترامب يعتقد أن هناك مؤامرة تحاك عبر البلاد، بما في ذلك في أماكن مثل تكساس حيث المسؤولون عن مكاتب الاقتراع ليسوا الديموقراطيين في العادة، فهذا سخيف". وكانت حملة ترامب جذبت ملايين الناخبين بعدما هاجمت "فساد" النظام السياسي القائم والطبقة السياسية في واشنطن. ولفت الرئيس إلى تنديد تلاميذ المدارس الخاسرين في المسابقات الرياضية بالغش أحياناً، ثم قال "لم أسمع في حياتي أبداً شخصاً يشكو من التزوير قبل صدور النتيجة". وشدَّد "قطعاً لن تُزوَّر الانتخابات، إذا كان السيد ترامب متقدماً 10 أو 15 نقطة في يوم الانتخابات وانتهى به الحال إلى خسارتها؛ عندئذٍ ربما يمكنه أن يثير بعض التساؤلات، ولا يبدو أن ذلك هو الحال الآن". ومؤخراً؛ كشف عددٌ من الاستطلاعات عن تحسُّن كبير في شعبية كلينتون بعد المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي. وأظهر استطلاع إخبارية "إن بي سي/ وال ستريت جورنال" الأخير تصدُّرها ب 9 نقاط على مستوى البلاد، بنسبة 47% مقابل 38%. وأشارت 3 استطلاعات أخرى إلى توسُّع تقدمها في الولايات المتأرجحة. وفي استطلاعٍ لقناة "فوكس" الإخبارية؛ بدت زوجة الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، متقدمةً ب 10 نقاط في كولورادو. في حين أبرز استطلاعٌ ل "فرانكلين ومارشال كولدج" تقدُّمها ب 11 نقطة في بنسلفانيا التي تشكِّل ولايةً محوريةً كونها تضم كثيراً من الناخبين البيض الذكور المنتمين إلى الطبقة العاملة. وفي نيوهامبشر؛ أحرزت كلينتون تقدماً مريحاً من 17 نقطة، أي 51% مقابل 34%، بحسب استطلاع ل "دبليو بي يو آر". إلى ذلك؛ دعا أوباما ترامب إلى الحفاظ على سرية تقاريرٍ عن الأمن القومي سيتلقاها بصفته مرشحاً وفقاً لما يقتضيه القانون. ورغم سخريته من مرشح الجمهوريين؛ أوضح الرئيس "المرشح الجمهوري سيتلقى تقارير ومعلومات شديدة السرية حول الكوارث العالمية والتهديدات الأمنية، إذ يحق له ولكلينتون ولنائبيهما المحتملَين الاطلاع عليها". في المقابل؛ حذر جمهوريون من مخاطر حصول كلينتون على هذه التقارير، مستدلين بتعاملها مع معلومات سرية عبر بريد إلكتروني غير رسمي عندما كانت وزيرةً للخارجية بين عامي 2009 و2013. لكن أوباما أكد الخميس "المرشحان سيُعاملان على قدم المساواة، سنلتزم بالقانون" و"إذا كان شخص ما هو المرشح فإنه يحتاج لأن تصله التقارير الأمنية حتى يتسنى له إذا ما فاز أن يكون مستعداً لمهام منصبه فلا يبدأ من الصفر". وتابع قائلاً "إذا أراد أحدهم أن يصبح رئيساً؛ فيجب أن يبدأ في التصرف كرئيس وهذا يعني أن يكون قادراً على تلقي تلك التقارير وعدم نشرها". وفي رسالةٍ حديثة؛ وصف عددٌ من المسؤولين الأمريكيين السابقين في مجال الأمن القومي، تعليقات المرشح الجمهوري حول حلف شمال الأطلسي وضمَّ روسيا شبه جزيرة القرم ومسائل أخرى ب "المشينة". وبعض هؤلاء عمِل مع جمهوريين بارزين. والشهر الماضي؛ ألمح ترامب إلى احتمال عدم دفاعه عن شركاء بلاده في حلف الأطلسي ما لم يزيدوا الإنفاق على مجال الدفاع. كما بدا وكأنه يدعو موسكو إلى اختراق رسائل البريد الإلكتروني لمنافسته. ولم يستبعد قبوله ضم روسيا للقرم من أوكرانيا. وعلَّقت الرسالة المفتوحة التي أوردتها صحيفة "واشنطن بوست" الخميس "هذه بيانات مشينة تخوِّن قيمنا المتأصلة ومصالحنا القومية التي اعتنقها الرؤساء من كلا الحزبين". ومن بين أبرز الديمقراطيين الموقِّعين على الرسالة وزيرة الخارجية السابقة، مادلين أولبرايت، ووزير الدفاع السابق، ليون بانيتا. ومن بين الجمهوريين الموقِّعين وزيرة الخارجية السابقة، كوندوليزا رايس. ووقع أيضاً الدبلوماسيون المخضرمون توم بيكرينج وبيل بيرنز ونيكولاس بيرنز ومارك جروسمان، وكلهم عملوا كمساعدين لوزير الخارجية للشؤون السياسية. وخلال الانتخابات التمهيدية للجمهوريين؛ تغلَّب ترامب الذي لم يسبق له تقلُّد منصبٍ سياسي على 16 منافساً. وجمعت حملتُه خلال الشهر الماضي ملايين الدولارات من تبرعاتٍ صغيرة، ليصل إجمالي التبرُّع له وللحزب إلى أكثر من 80 مليون دولار، مقابل 90 مليوناً لمنافسته وحزبها خلال الفترة نفسها. لكن مصادر جمهورية تحدثت الأربعاء عن سعي أثرياء من الحزب سرَّاً إلى دعم المرشحة الديمقراطية، اعتراضاً على تصريحات ترامب المثيرة للجدل ضد النساء والمكسيكيين والمسلمين وقدامى المحاربين وغيرهم.