أعلنت قواتٌ ليبيةٌ تابعةٌ لحكومة الوفاق تقدُّمها صوب وسط سرت فيما تسعى لاستعادة المدينة من «داعش»، بينما عُثِرَ على 14 جثةٍ مجهولة الهوية في بنغازي. وجاء إعلانُ تقدُّم قوات حكومة الوفاق الوطني أمس في أعقاب معارك ضارية استمرت حتى وقتٍ متأخرٍ من مساء الخميس وخلَّفت عشرات القتلى. وبعد هدوءٍ في القتال خلال الأسبوع الماضي؛ شنَّت القوات الحكومية هجوماً جديداً على عدة جبهاتٍ في سرت (450 كلم شرق العاصمة طرابلس) إثر قصفها مواقع التنظيم الإرهابي بالمدفعية والغارات الجوية. وأفادت كتائب مصراتة، الموالية لحكومة الوفاق، بسيطرتها على جزءٍ من حي الدولار وفندقٍ على خط المواجهة الشرقي كان قنَّاصة التنظيم يستخدمونه. وأبلغت الكتائب، في بيانٍ لها، عن إحباطها 3 محاولاتٍ لتنفيذ هجماتٍ بسياراتٍ ملغومةٍ وتدميرها مركبةً مدرعة. ورأى شاهد من «رويترز» دبابةً تابعةً للكتائب تنفجر لكن لم يتضح السبب. وعاين الشاهد استمرار القصف حتى وقت متأخر من مساء الخميس «لكن الأوضاع كانت هادئة صباح الجمعة». وجاء في بيان كتائب مصراتة «جرى إحصاء نحو 50 جثة لمقاتلين من داعش قُتِلوا خلال اشتباكات الخميس». بدوره؛ تحدث المستشفى المركزي في مصراتة (غرب) عن استقباله ما لا يقل عن 25 قتيلاً من أعضاء الكتائب و200 مصاب. وإجمالاً؛ قدَّم متحدث باسم الكتائب حصيلةً تفيد بمقتل 300 من أفرادها وإصابة أكثر من 1300 آخرين منذ بداية حملة تحرير سرت في مايو الماضي. وتوسَّع «داعش» في ليبيا وسط فوضى سياسية وفراغٍ أمني عقب الإطاحة بنظام معمر القذافي في انتفاضة 2011. واحتل التنظيم قطاعاً من الساحل بطول نحو 250 كلم، لكنه فشل في انتزاع أراضٍ جديدة أو الاحتفاظ بما يحتله من أماكن أخرى في البلاد. إلى ذلك؛ عُثِرَ في مدينة بنغازي (شرق) على 14 جثة ملقاة إلى جانب الطريق وعليها آثار إطلاق نارٍ في الرأس. وتعود الجثث إلى أشخاصٍ لم يتم التعرف على هويتهم، بحسب ما أفادت مصادر طبية. وصرَّح طبيبٌ في مركز بنغازي الطبي «تسلَّمنا من الهلال الأحمر 14 جثةً تعود إلى أشخاصٍ مجهولي الهوية بعد العثور عليها في وسط بنغازي» على بعد نحو 1000 كلم شرق العاصمة طرابلس. ووفقاً للطبيب؛ تحمل الجثث آثار إطلاق نار في الرأس «ما يوحي بأنه جرت تصفية هؤلاء الأشخاص جميعهم بالطريقة نفسها». ورفض مسؤولون أمنيون في بنغازي، تحدثت إليهم «فرانس برس»، التعليق على الحادثة وتوضيح ملابسات مقتل هؤلاء الأشخاص أو التعريف بهويتهم. فيما أبدى ممثل الأمين العام الأممي لدى ليبيا، مارتن كوبلر، صدمته. وكتب على حسابه في موقع تويتر «مصدوم تماماً ومصعوق من إعدام عددٍ من الأشخاص في بنغازي، هذه جريمة حرب، وأطلب التحقيق الفوري وتقديم الجناة إلى العدالة». وتشهد المدينة منذ أكثر من عامين معارك يومية بين قواتٍ مواليةٍ للبرلمان المعترف به دولياً وجماعاتٍ مسلحةٍ معارِضةٍ تضم مجموعاتٍ متطرفة. وقُتِلَ المئات في هذه المعارك. واستعادت القوات الموالية للبرلمان، التي يقودها الفريق أول خليفة حفتر في الشرق، السيطرة على مناطق واسعة في بنغازي كانت خاضعةً للجماعات المناهضة لها، لكنها لم تتمكن من السيطرة على كامل المدينة بعد. والمنطقة التي عُثِرَ فيها على الجثث خاضعة لسيطرة القوات التي يقودها حفتر. في سياقٍ متصل؛ أعلن قائد سلاح الجو في القوات الموالية للبرلمان المعترف به دولياً، العميد صقر الجروشي، أن مجموعاتٍ من العسكريين الفرنسيين والأمريكيين والبريطانيين تعمل في البلاد بغرض مراقبة تحركات «داعش». وأبلغ الجروشي «فرانس برس» بقوله «يوجد جنود فرنسيون وأمريكيون وبريطانيون في قاعدة بنينا في بنغازي». وقدَّر عدد هؤلاء ب «نحو 20 عنصراً» تقضي مهمتهم ب «مراقبة تحركات التنظيم الإرهابي وكيفية تخزينه للذخائر»، مُشدِّداً «لا يوجد طيارون أجانب يقومون بالحرب نيابةً عن طيارينا ومقاتلينا». ووفقاً له؛ فإن هناك «مجموعات عسكرية أجنبية أخرى تقوم بالعمل ذاته في قواعد متفرقة في البلاد وفي مدن عدة» بينها طبرق (شرق) ومصراتة (200 كلم شرق طرابلس) وطرابلس نفسها. ويقود الجروشي سلاح الجو في القوات التي يرأسُها حفتر. وتتبعُ هذه القوات الحكومة غير المعترف بها التي تتخذ من مدينة البيضاء (شرق) مركزاً لها. وتعترف فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا بشرعية حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ولا تعترف بحكومة البيضاء، رغم أنها تساند قوات الأخيرة. ويأتي تأكيد الجروشي وجودَ قواتٍ أجنبيةٍ بعد يومٍ من إعلان الرئيس الفرنسي مقتل 3 جنودٍ من بلاده في تحطم مروحيةٍ في الشرق الليبي. وما قاله فرانسوا هولاند أول كشفٍ من باريس عن وجودها عسكرياً في ليبيا. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أعلنت في مايو الماضي أن جيشها لا يملك «صورة كافية» عن الوضع الليبي، لكن فرقاً صغيرةً من قوات العمليات الخاصة تعمل هناك لجمع معلوماتٍ استخباراتية. وأقرَّ البنتاجون في ديسمبر العام الماضي بوجود فريق كوماندوز أمريكي في ليبيا ل «تعزيز التواصل مع نظراء ليبيين». كذلك؛ ذكرت صحفٌ في لندن أن مجموعة من القوات البريطانية الخاصة تقدِّم خدمات استشارية للقوات الليبية التي تقاتل «داعش». وترفض حكومة الوفاق الوطني دخول قوات أجنبية دون موافقتها؛ لذا أعربت الأربعاء عن استيائها جراء إعلان باريس عن مقتل الجنود الثلاثة. على صعيد الهجرة غير الشرعية؛ اعترض خفر السواحل الليبيون أمس الأول قارباً يُقلُّ 137 مهاجراً من دولٍ إفريقية كانوا يحاولون عبور البحر المتوسط صوب أوروبا. ولفت مسؤولٌ في خفر السواحل في طرابلس إلى «عثور دورية في البحر على بعد نحو 20 ميلاً من شاطئ القره بوللي (70 كلم شرق العاصمة) على قارب مطاطي على متنه 137 مهاجراً وقد تسرّبت المياه إليه». وأبان «جرى إعادة المهاجرين – وجميعهم من دول إفريقية بينها نيجيريا – إلى البر، وكان بينهم 21 امرأة وطفلان، وقد نُقِلوا إلى مركز إيواء في تاجوراء» شرقي العاصمة. وأدت الفوضى في ليبيا إلى تشجيع عشرات آلاف الأشخاص على الهجرة إلى أوروبا عبر السواحل. وكلما كانت الأحوال الجوية أفضل خصوصاً في فصل الصيف؛ ازداد عدد الذين يحاولون عبور البحر. وجاء في تقريرٍ برلماني بريطاني نُشِرَ في مايو الماضي أن عملية الاتحاد الأوروبي البحرية ضد مهرِّبي البشر قبالة الشواطئ الليبية «فشلت» ولا تسهم «سوى في دفع المهربين إلى تغيير خططهم». وبحسب المفوضية الأممية العليا للاجئين؛ وصل أكثر من 28 ألف مهاجر إلى إيطاليا منذ مطلع العام الجاري، ليصبح هذا البلد أبرز باب دخولٍ إلى القارة العجوز بعد إغلاق طريق البلقان والاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول مسألة المهاجرين.