قد تكون جريمة جنائية؛ تلك التي أنهت حياة الديبلوماسيّ السعودي خلف العليّ الشمري، رحمه الله، أمس الأول في العاصمة البنجلاديشية دكّا. وقد تكون أخطر من جريمة جنائية. وليس علينا أن نستبق الأحداث، على الرغم من حزننا الشديد على فقد واحد من المواطنين المخلصين الذين أمضوا شطراً كبيراً من حياتهم في خدمة هذا الوطن في بلاد الغربة. لكن الطريقة التي انتهت بها حياة هذا المواطن المسؤول؛ تفتح باب التساؤلات أمام استهداف الديبلوماسيين السعوديين. فقبل الشمّري هناك آحاد من الدبلوماسيين السعوديين سقطوا بأيدٍ غادرة، ولم يكن لهم من ذنب سوى تمثيل بلادهم بوعي ومسؤولية. وبلا شك؛ فإن هناك من يستفيد من هذه النوعية من الجرائم، سواء من ارتكبها، أو من ربطها بخلفية من الخلفيات. نهاية حياة الدبلوماسي الشمري بهذه الطريقة، مؤسفة وموجعة لهذا البلد الذي لا يريد غير السلام مع الجميع، وغير الانسجام مع الدول الصديقة القريبة والبعيدة. ويهمّ حكومة هذا الوطن الكبير الآمن أن يتحقق لرعاياه ولبعثاته الدبلوماسية الأمن الكامل غير القابل للاختراق من قبل أصحاب المطامع والدسائس، في أي مكان في العالم. وهذه مسؤولية الدول الشقيقة والصديقة، بصرف النظر عن كون المطمع والدسيسة سياسية أم جنائية. إن المملكة تؤمن لكافة البعثات الدبلوماسية المقيمة على أرضها الأمن المطلق غير القابل للاختراق، وتبذل لتحقيق ذلك كلّ غالٍ ونفيس، ولم يسبق لنظام الأمن لديها أن اختُرق في شكل اعتداء على دبلوماسيّ أو مسؤول حكوميّ زائر على نحو يشير إلى تهاون أو تراخٍ في تحمّل المسؤولية الأمنية إزاء الأجانب المقيمين لديها. ولم تفرّق في ذلك بين دبلوماسيي دولة غنية وأخرى فقيرة. إذ إن مسؤوليتنا كبلد يحترم أماناته أن يعيش الدبلوماسيون الأجانب في بلادنا في أمن وأمان. وهذا ما نرجوه من الدول الأخرى، المسلمة وغير المسلمة، الصديقة والشقيقة، وهذه هي المسؤولية التي نأمل من الدول أن تتحمّلها إزاء رعايانا ودبلوماسيينا.