طالت يد الإرهاب كل مكان، تفسد وتفجِّر وتقتل الأبرياء وتيتم الأطفال وترمِّل النساء، ولم تترك أمراً إلا وفعلته، من أجل ماذا؟ كنا بالأمس القريب وفي ختام شهر رمضان المبارك الذي كان المسلمون يبحثون فيه عن قبول الطاعات وغفران الزلات والمعاصي، نفجع بعدد من الأعمال الإرهابية التي هزَّت الوطن في جدة وفي محافظة القطيف وفي مدينة الرسول – صلى الله عليه وسلم على صاحبها أفضل الصلوات والتسليم-. ماذا سنقول وماذا سنكتب والإرهاب يدق أطنابه في أكرم وأشرف بقاع الأرض، وإلى جانب قبر الرسول – صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه رضوان الله عليهما، ماذا دهى هؤلاء الذين امتهنوا شرف المكان وحرمته، وشرف الزمان وبركته، كيف يتجرأ هؤلاء على تنفيذ عملياتهم الإرهابية في مدينة المصطفى -عليه الصلاة والسلام -، متناسين قول الرسول -عليه الصلاة والسلام -: لا يريدُ أحدٌ أهلَ المدينةِ بِسوءٍ إلَّا أذابَهُ اللَّهُ في النَّارِ ذَوبَ الرَّصاصِ أو ذَوبَ المِلحِ في الماءِ ومن أخاف أهلَ المدينةِ أخافَهُ اللَّهُ وعليهِ لعنةُ اللَّهِ والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ لا يقبلُ اللَّهُ منهُ صَرفًا ولا عدلًا. وعن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انْمَاعَ كما ينماع الملح في الماء» صحيح البخاري، وهذا يدلل على أن نهاية هذه الفئة الضالة من الدواعش وغيرهم ممن يمدونهم أو يمولونهم قد قربت وأن تجفيف منابعهم سيكون قريباً بإذن الله. مدينة الرسول – صلى الله عليه وسلم- ومنذ أن وطأتها قدماه عليه – الصلاة والسلام- وهي بمسمى «يثرب» لم يمسها أحد بسوء ولم يجرؤ عليها أحد على مر التاريخ، لماذا؟ لقدسية المكان وأنها مقصد المسلمين وأنها تضرب لها آباط الإبل من كل مكان. بماذا سنعتذر لك ونقول يارسول الله عن هذه الفعلة المشينة والإجرامية؟ ماذا عسانا أن نقدِّم لرسولنا الكريم من أعذار؟ الناظر في الأحداث الإجرامية التي حدثت في هذا الشهر الكريم يدلل على أن هناك تطوراً يحصل على التأثير لعقول المنفذين من قتل الأمهات والآباء وتدنيس أشرف بقاع الأرض، وأن الأمر أكبر وأعم من تهييج الطائفية أو زرع الحقد والكراهية، الموضوع هو استهداف شبابنا لهدم أسرهم وقتل أقاربهم وقتل رجال أمن هذا الوطن وتقويض الوطن وضرب خاصرته عبر كل مكان. والسؤال هو: ماهو السبب الرئيس لهذه التفجيرات؟ هل هو سياسي أم اجتماعي أم ماذا؟ أصبحنا نشاهد المنفذين وهم صغار في السن يقدمون على الموت دون تردد ولا مبالاة كأنهم يدارون بأجهزة « الريموت كنترول» لتنفيذ عملياتهم، ما هذه الجسرة والقسوة التي بداخلهم وهم مازالوا صغاراً في السن، ربما أن في الأمر سراً خطيراً يتوجب علينا اكتشافه سريعاً. إذا كانت الجريمة التي نفذت في المدينةالمنورة رسالة من التنظيم المجرم، فنقول لهم إن الرسالة قد وصلت، واستقبلناها جميعاً قيادة وشعباً، ونرد عليها برسالة واضحة وهي أن المواجهة مع هذا التنظيم المتوحش ليست مسؤولية جهاز الأمن وحده بل مسؤوليتنا جميعاً كمواطنين ومسؤولين، وإذا كان هدف التنظيم زيادة الفوضى داخل الوطن فإننا ماضون في تماسكنا ووحدة مصيرنا مصطفين خلف قيادته، لأن هذا الوطن باختصار ليس مجرد بقعة جغرافية، بل دولة الشريعة ووطن المقدسات والتاريخ والحضارة. عذراً يا رسول الله…