تروي كتب الأحاديث نصوصًا صحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حول المدينةالمنورة وفضلها وفضل الإقامة بها وأجر من تحمل الصعاب التي قد تواجه من يعيش فيها “من صبر على لأوائها وشدتها، كنت له شهيدًا أو شفيعًا يوم القيامة. يعني المدينة “وما أعظم المقام في هذه المدينة الطاهرة الطيبة وما أعظم الأجر الذي سيجده المؤمن الصابر المحتسب على ما قد يصيبه من شدة في العيش أو عامة الحياة لكن ليس من السهل التمتع بهذه الميزة غالبًا إلا بعد المرور باختبار قد يكون صعبًا بدرجة عالية، قد يتحملها المرء بصبر يجد بعدها لذة النجاح، وكل أو معظم من سكن طيبة أو قضى بها ردحًا من عمره، عايش صورا مختلفة من الصعوبات سواء في الحصول على لقمة العيش، أو عند قضاء الحاجيات لدى بعض الدوائر والمؤسسات الحكومية أو الأهلية أو على الأقل في تعامل بعض الناس معهم وخاصة من بيده مقاليد أمرهم كأصحاب الأعمال أو المساكن. وإذا كنا قد عايشنا ورأينا ومررنا أو سمعنا ببعض صور الشدة في هذه البلدة الطيبة معنا أو مع آخرين نعرفهم أو سمعنا عنهم فإن هذا يشير بكل وضوح إلى ضرورة توفر أكبر قدر من الصبر في التعامل مع كل شدة لما يعقب ذلك من أجر عظيم وهو شفاعة الحبيب عليه الصلاة والسلام وشهادته في الآخرة، ولكن من المهم جدا ألا يكون أي واحد من أهل المدينةالمنورة وسكانها من صناع المشكلات للآخرين ممن أكرمهم الله بسكنى هذه البلدة الطاهرة حتى لا يكون من لأوائها وربما يستحق ما ورد في ذلك من أحاديث نبوية شريفة بالوعيد لمن آذى جيران رسول الله عليه الصلاة والسلام “حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ عَنْ جُعَيْدٍ عَنْ عَائِشَةَ هِيَ بِنْتُ سَعْدٍ قَالَتْ سَمِعْتُ سَعْدًا رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “لاَ يَكِيدُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ إِلاَ انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ. رواه البخاري.» ورغم أن معظم الناس يعرفون أو على الأقل سمعوا ببعض أو كل هذه الأحاديث التي تحذر من أذية أهل المدينةالمنورة وسكانها إلا أن البعض ما يزال مصرا على ممارسة هوايته السيئة جدًا في تعكير صفو الحياة عليهم وإلحاق الأذى بمصالحهم والتضييق عليهم وافتعال بعض المبررات التي يظن أنها مقنعة للآخرين ليحقق رغباته الدفينة وتوجهاته المريضة، وكأنه لا يعلم أنه يؤذي جيران المصطفى عليه الصلاة والسلام، وكثيرًا ما يشتكي بعض أهل المدينة من هذه الممارسات السلبية التي تجعلهم في حرج وأحيانًا في ضيق من العيش إلى درجة أن بعض الدوائر الحكومية في المدينة أصبحت معروفة بين مدن المملكة بالتعقيد والتطفيش، وأصبحنا نرى أو نسمع عن كثير من أبنائها يضطرون للخروج منها -ليس رغبة عنها- بل لما أصابهم من نكد على أيدي بعض مسؤولي تلك الدوائر. عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي” رواه أحمد واللفظ له برجال الصحيح، والله أعلم.