إن الإنسان بطبيعته يميل إلى ممارسة فن القيادة على الآخرين، وإن كان بنسب متفاوتة، تحدِّدها سمات شخصيته وقدرته على ممارسة هذه القيادة بكل أنواعها، وقدرته العقلية على إقناع الآخرين بأنه قائد، ولا ننكر في الوقت نفسه، أن صفات القيادة النموذجية، لا تتوفر في جميع البشر بالدرجة نفسها، وأن هناك صفات مهمة ومعقَّدة، لابد أن تتوفر في القائد. ومن المعروف أن هناك أنواعاً عدة من القيادة، فهناك قيادة يمارسها الأب على زوجته وأبنائه، وقيادة يمارسها المعلِّم على طلابه، وقيادة يمارسها المدير على مرؤوسيه، وأخرى يمارسها الطالب على بعض زملائه في المدرسة، وما نقصده هنا في هذا المقال، القيادة التي يمارسها المدير أو المسؤول في الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، التي أثبتت نجاحها في الأوساط المحلية أو العالمية، ما يشير إلى أن من يقف خلفها، قائد يستحق هذا اللقب بجدارة. ومن هنا، أستطيع التأكيد على أن مسألة صناعة القائد من المسائل الحسَّاسة والمهمة، التي قد يتفاوت فيها الاهتمام والدعم من دولة إلى أخرى من مكانٍ إلى آخر، وهذا يدعونا إلى التنبيه إلى أن صناعة القادة وتأهيلهم، ليس بالأمر السهل أو المتاح لأي شخص أو جهة ما، خصوصاً إذا كان هذا القائد سيتولَّى زمام أمور شركات أو مؤسسات عملاقة، تبني مستقبل الموارد البشرية، وتستثمر فيها، أو أنها تتحكم في ملايين أو مليارات الريالات، ويتعقَّد الأمر أكثر وأكثر إذا كان الحديث على قائد يقود جماعة من البشر، لهم متطلبات كثيرة ومتنوِّعة، كما هو الحال في المؤسسات التعليمية وأساتذة الجامعات والتربويين، وهذا الأمر يتطلَّب تأهيل وتوفير المناخ المطلوب لصناعة القائد النموذجي. وتحدِّد النظريات العلمية وبدقة متطلبات صناعة القائد، وتطرقت إلى الخطط والبرامج التي تساعد في تأهيل القادة، إذ رأت أن هناك 10خطوات مهمة لصناعة القائد، وتركز الخطوة الأولى على الأساس العقائدي والأخلاقي للقائد، الذي يضم تحته مواضيع مثل العقيدة والإيمان بالله تعالى وأركان الإيمان، والأخلاق. وتتناول الخطوة الثانية أهمية بناء العقل والوعي لدى القائد، وتضم تحتها دراسة المنطق والفلسفة السليمة والتاريخ والتعلُّم من دروسه، وتعلُّم الإبداع وقواعد التفكير السليم، وفهم منهجية التغيير. وتهتم الخطوة الثالثة بإدارة الذات، وذلك عبر تحديد الأهداف في الحياة، وعدم الانحراف عنها، وتحديد الأهداف المشتركة مع الأتباع، وإدارة الوقت بفاعلية وفهم الأولويات. وفي الخطوة الرابعة، يتركَّز الحديث على الثقافة الواسعة، وأسس العلوم الشرعية مثل السيرة، التفسير، الحديث، الفقه، الأصول. وتتناول الخطوة الخامسة فن بناء العلاقات، ويتم التركيز فيها على تعلُّم بناء الأسرة وتربية الأولاد، ودراسة فن التعامل مع الناس، وتعلُّم فن بناء فريق العمل وإدارة العمل الجماعي. وتشدِّد الخطوة السادسة، على تعلُّم فن التأثير، وفن الحوار والإقناع، وفن تحليل الشخصيات وكيفية التعامل مع الأنماط المختلفة، وتنمية الولاء. وتهتم الخطوة السابعة بفن الريادة، وفيها يتم التركيز على أهمية العمل بوضوح وأمام الأنظار، والتركيز على الأهداف المشتركة، وتعلُّم فن الإلقاء والمقابلات