أصدرت السلطات القضائية المغربية أمرا استعجاليا بإغلاق الحدود في وجه وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي السابق، خالد عليوة، على خلفية التحقيقات الجارية حاليا بخصوص ملف “الاختلاسات” التي شهدها “القرض العقاري والسياحي” خلال فترة رئاسته للبنك المملوك للدولة. ويعتبر خالد عليوة واحداً من أبرز قياديي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي خرج إلى المعارضة، بعد تسييره لدواليب الحكم، بل كان مرشحا للأمانة العامة للحزب في وقت سابق. ومن المنتظر بحسب المعطيات المتوافرة أن يتم اعتقال عليوة وإيداعه السجن بالتزامن مع انطلاق أطوار محاكمته برفقة موظفين بارزين، في المؤسسة البنكية التي تولى مسؤوليتها. بدوره، هدد خالد عليوة بالكشف عن ملفات ضخمة وتورط شخصيات نافذة إذا تم اعتقاله وتقديمه للمحاكمة، وهو ما قد يرفع الستار عن مجموعة من القضايا التي تجر أسماء وازنة في المشهد السياسي والاقتصادي المغربي إلى دائرة القضاء. وجاء قرار منع الوزير السابق بناءً على التحقيقات التي تجريها الشرطة القضائية، بخصوص الاتهامات التي وُجِّهت إليه حول “اختلالات مالية وفساد إداري” تضمنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات. وأشار التقرير في حيثياته إلى منح عليوة امتيازات مالية كبيرة لبعض عملاء البنك العقاري والسياحي في مجال الإنعاش العقاري، إضافة إلى تدخله الشخصي لتصفية ديون معلقة الأداء مثل ما هو عليه الحال مع ملف “ع.ش”، الذي بلغت مديونته 68.6 مليون درهم سنة 2005، وملف آخر بمبلغ 53.9 مليون درهم. وتحدث التقرير عن حالات تبذير للمال العام في الكثير من مقتنيات البنك كما هو الحال مع أجهزة مركز حمامات البخار التي بلغت قيمتها ستة ملايين درهم، في حين أن الرقم الحقيقي لها يقل بكثير عن ذلك. وذكر التقرير أن عليوة وقع على صفقات مشبوهة كما هو الحال مع صفقة استيراد حصص مهمة من أثاث الفنادق من مصر بمبلغ تجاوز بكثير 16.4 مليون درهم، مع العلم أن جزءا من هذا الأثاث وُجِّه إلى جهة مجهولة. واللافت أن هذه المؤسسة البنكية كانت وراء الزج بوزير سابق في فترة التسعينيات في السجن، ويتعلق الأمر بمولاي الزين الزاهيدي الذي كان وزيرا مكلفا بالشؤون الاقتصادية الخصخصة، في حكومة كريم العمراني. وبحسب ما كشفت عنه مصادر “الشرق” فإن مسلسل إحالة ملفات فساد إداري على القضاء مازال في بدايته، خاصة أن شعار الحكومة الحالية التي شكلها حزب العدالة والتنمية الإسلامي هو فضح “المفسدين الذين عاثوا في مالية البلاد فسادا” . وعلمت “الشرق” في هذا الخصوص أن وزير التعليم العالي، الحسن الداودي، أحال لوزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، ملفا وصفه ب “الملف النتن”، ويتعلق الأمر بالتلاعب في شهادات معادلة منحت إلى العديد من الأشخاص من قبل محاكم في البلاد، وتساءل وزير التعليم العالي عن أهلية القضاء في منح شهادات علمية، داعيا إلى الإفصاح عن أسماء الخبراء الذين تولوا مهمة معادلة الشهادات الجامعية. كما قرر وزير التعليم العالي إحالة ملفات عمداء كليات وجامعات إلى القضاء بداعي وجدود خروقات عديدة على المستوى الإداري والمالي.