حذَّرت منظمة الصحة العالمية من تفشِّي الأمراض بين المدنيين المُحاصَرين في الفلوجة العراقية، في وقتٍ تكثِّف فيه الحكومة هجومها لاستعادة المدينة من «داعش». ويُقدَّر عدد المُحاصَرين بنحو 40 ألفاً لا يملكون سوى قليل من الماء والطعام، في ظل نقص حاد للخدمات الصحية. واحتل التنظيم الإرهابي الفلوجة، التابعة لمحافظة الأنبار والواقعة غربيّ بغداد، قبل أكثر من عامين. وضيَّق التنظيم الخناقَ على حركة المدنيين في وسط المدينة التي بدأت القوات الحكومية هجوماً قبل 3 أسابيع لاستعادتها. وتعدُّ الحكومةُ الفلوجةَ نقطة انطلاقٍ ل «داعش» لتنفيذ تفجيراتٍ في بغداد، لذا ترى في عملية استعادتها جزءاً حيويّاً من حملةٍ لتحسين الأمن. فيما تفضِّل الولاياتالمتحدة التركيز على استعادة الموصل «شمال» من التنظيم الإرهابي. وأفاد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، علاء العلوان، بعدم تلقّي الأطفال داخل الفلوجة أي تطعيماتٍ طبيةٍ منذ سيطرة المتطرفين في عام 2014. وجاء في بيانٍ له «ازدادت مخاطر تفشي الأمراض جرَّاء ضعف مستوى المناعة؛ يرافقها تردي مستوى النظافة». علاوةً على ذلك؛ يُقدَّر أن مئات من النساء الحوامل المحاصَرات في أمسِّ الحاجة إلى خدمات الصحة الإنجابية. ولفت العلوان، أثناء جولةٍ ميدانيةٍ أمس في مخيمات النازحين في بلدة عامرية الفلوجة، إلى سوء حالة الصرف الصحي «ما يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تفشي أمراض معدية مثل الكوليرا والأمراض الجلدية إضافةً إلى تفاقم الأمراض المزمنة». وتعرَّض العراق إلى تفشٍّ واسعٍ للكوليرا العام الماضي، حيث تم تسجيل أكثر من 1800 حالة إصابة و6 وفيات. وتُقدِّم منظمات الإغاثة الطعام والماء ومساعداتٍ أخرى إلى الفارّين من الفلوجة؛ نظراً لعدم قدرتها على الدخول إلى المدينة. وحاصرت القوات الحكومية المدينة لنحو 6 أشهر قبل بدء الهجوم الحالي، ما دفع الأممالمتحدة والجماعات الحقوقية للتحذير من أزمة إنسانية وشيكة. وبلغ عدد النازحين على الإثر 53 ألفاً، وفق إحصاءات أممية. وأقرَّ العلوان بمعاناة منظمة الصحة العالمية من أجل توفير الخدمات الصحية بسبب ضعف التمويل. وأبلغ الصحفيين أثناء جولته «نقص التمويل اللازم لدعم القطاع الصحي وتلبية الاحتياجات الصحية العاجلة مخيِّب للآمال ويمثل عقبة ضخمة أمام جهود التصدي لهذه الأزمة». وطلبت منظمات الإغاثة هذا العام 861 مليون دولار لمساعدة 7.3 مليون عراقي يحتاجون المساعدة في أنحاء بلادهم. لكن المنظمات لم تتلقَّ حتى الآن سوى 31 % من هذا المبلغ. وأوضح العلوان أن «الصحة العالمية» أنشأت مركزاً للرعاية الصحية وعياداتٍ متنقلةٍ لخدمة النازحين وتدير مواقع للتحذير المبكر من الأمراض في أنحاء محافظة الأنبار لرصد أي تفشٍّ والتعامل معه. وشدَّد «الوضع الصحي يبعث على القلق بشأن الأمراض المعدية ومنع انتشار الأوبئة»، مستدركاً «لكن الجيد في الأمر هو عدم حدوث أي تفشٍّ واسع النطاق» حتى الآن. وخاضت القوات الأمريكية، أثناء احتلالها العراق بين عامي 2003 و2011، معارك شرسة في الفلوجة.