منذ القدم ومجالس الأهل والأصدقاء تعتبر الملتقى والمدرسة الاجتماعية، ولا تزال هذه المجالس عامرة للارتقاء بروادها وزيادة ثقافتهم الاجتماعية والأخلاقية والفضيلة والكرم والشهامة وغيرها من شؤون الحياة، هذه المجالس المتنفس والمناص من صخب الحياة، وقضاء أوقات الراحة مع الأصدقاء والخلان، وقد أثمرت هذه المجالس المنتشرة جيلا بعد جيل، في إنتاج رجال يحملون سمات اجتماعية وحب مبادرة وتعاون وتكاتف دعا إليها الدين الحنيف ومعززة للعلاقات الإنسانية.. الحديث في هذه المجالس له فنون وأصول وإتيكيت، تتضمنها عدم مقاطعة الحديث، مقاطعة الشخص المتحدث تصيبه بشلل في التفكير وتسبب له ارتباكاً وقد تخرجه من هدوئه وحكمته، لما لها من الأثر النفسي السيء على المتحدث وعدم الارتياح مما ينتج عنه الهروب من الشخص المقاطع لحديث الآخرين.. الشخص المتحدث له الحق في أن نستمع له ونحترم وجهة نظرة، وأن نمنحه الشعور بالاهتمام سواء نتفق مع حديثه أو لا نتفق، يجب التحلي بالصبر وإعطاء المتحدث وقتا كافيا وعدم مقاطعته إلا عند الضرورة أو في الوقت المناسب، عادة مقاطعة الآخرين في المجالس غير محببة للمتحدث وللمستمعين على حد سواء، ويجب على من لديه تلك العادة محاولة التخلي عنها بالصبر والتعود، مقاطعة الحديث من السلوكيات المرفوضة وحينما نضطر لمقاطعة الحديث (في أضيق الحدود)، يجب أن تكون بأقل الكلمات الممكنة وبشكل سريع، بحيث لا نشتت المتحدث ولا نضيع أفكاره.. بعض المواقف تحتمل المقاطعة بإضافة خفيفة بطابع فكاهي، لإضافة جو من المرح لتخفيف حدة النقاش، ولكن ليس كل المواقف تتقبل النكتة أو المرح حتى وإن كانت في أضيق الحدود، بعض المواقف تحمل طابع الجدية تظهر سماتها على المتكلم وطبيعة كلامه، في مثل هذه المواقف تعتبر اللمحة الفكاهية هزلا وسخرية بالمتحدث وغير مقبولة عرفا ومرفوضة منطقا.. نحن مع توليد النكتة والاستمتاع بالفكاهة، نحن مع الضحك والابتسامة بجميع درجاتها ما بين التبسم والقهقهة، الابتسامة دليل الشخصية السوية والمتزنة والشفافة، الابتسامة سبب من أسباب السعادة والنجاح، فلنبتسم ولكن مع مراعاة آداب وظروف المجالس، للظروف أحكامها فلا تخلط بين مجالس الرجال وحراج بن قاسم..