يشكل منتدى جدة الاقتصادي، نشاطاً اقتصادياً بارزاً، ويعتبر من أهم التجمعات الاقتصادية الإقليمية والعالمية من حيث الترتيب والتنظيم وحسن اختيار المحاور المتنوعة. ولعل التميز في استقطاب الشخصيات البارزة من رجال أعمال وسيدات أعمال، والمشاركين من القطاعات الحكومية والخاصة، يعكس مدى اهتمام القائمين على المنتدى من أجل دعم النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والمملكة بشكل خاص.وعلى مدى الأعوام السابقة للمنتدى، وجدت أن المتحدثين قيادات عالمية، مما يجعل وجودهم بيننا ثروة يجب الاستفادة منها، ودراسة توصياتهم التي يقدمونها كحلول لموضوعاتنا التنموية المختلفة. فتوصياتهم لا تأتي من فراغ أو من باب المجاملة بقدر ما تكون توصيات تبنى على تجارب مروا بها، ويعتقدون بإمكانية نجاحها عند التطبيق في المملكة.إن التقاء العقول والأفكار واختيار الموضوعات أسس قاعدة قوية للمنتدى نحو ترسيخ مفهوم الشراكة الوطنية بين القطاع الخاص والحكومي، تناقش التحديات والقضايا الاقتصادية العالمية والإقليمية والمحلية، وتسعى إلى إيجاد حلول عملية لمعالجتها من أجل الوصول إلى اقتصاد قوي يجلب الرخاء والأمن والطمأنينة للمجتمع. ولقد سجل المنتدى علامات فارقة في أذهان المشاركين، ورفع نسبة الوعي والإدراك الاقتصادي السياسي والاجتماعي لدي أفراد المجتمع، فالأغلبية أصبحت تدرك حجم المشكلات التي تحيط بالمنطقة ومدى تأثيرها المباشر على دفع عجلة الاقتصاد، وأن هذه المشكلات ليست اقتصادية بالأصل وإنما هي إفرازات سياسية، وأن السياسة الدولية ترتبط ارتباطا مباشرا في توجيه الاقتصاد المحلي للمنطقة، وبالتالي ساعد على تطور نظرتنا للعولمة والتفاعل معها، وفي تطوير نظرتنا تجاه المفاهيم الاقتصادية والسياسية بصورة أشمل وأكبر. لقد أثر النجاح الكبير الذي حققه المنتدى إيجابياً على كثير من رجال الأعمال والشركات السعودية التي بدأت تتحرر من المحلية وتستفيد من الجانب الإعلامي للمنتدى للتعريف بنشاطاتها الاقتصادية والالتقاء بالشخصيات القيادية العالمية من خلال ورش العمل من أجل تسهيل عقد الصفقات التجارية. وقد أعطى المنتدى صورة قوية عن دور المرأة السعودية، فبعد أن كانت مجرد مستمع أصبحت تشارك في أعمال المنتدى بصورة نالت الإعجاب ضمن ثوابتنا الإسلامية وفي إطار تقاليدنا وعاداتنا الاجتماعية، وأضفت على أجواء المنتدى قدراً عظيماً من الحيوية. من المتوقع أن تركز مناقشات المنتدى الحالي “ما بعد الآفاق..اليوم نبني اقتصاد الغد” على مستقبل الاقتصاد السعودي والخليجي في السنوات المقبلة في مواجهة التحديات العالمية والأحداث التي تشهدها المنطقة، وأن يخرج بأفكار متنوعة ومنسجمة مع متغيرات الاقتصاد العالمي.إن ما يبذل من جهد وما يصرف من مال وما يتم من تنظيم كبير لهذا المنتدى، هو أمر يستحق الثناء والتقدير والشكر لغرفة جدة للتجارة، ولكن لا يخلوا أي عمل جاد من بعض السلبيات، وهذا شيْء طبيعي، ولا يقلل من الإيجابيات، ويمكن تقييمه ومعالجته في المنتديات المقبلة، لهذا نأمل أن نراجع النتائج والفوائد الحقيقية لهذه المناسبة، وأن يكون لدى الغرفة قدر كبير من الشفافية والوضوح لتطوير مستوى هذا المنتدى، ليرتبط بنا وبهويتنا ومشكلاتنا، وما نهتم به وما نحرص عليه، ويخدم بيئتنا ومجتمعنا ووطننا بصفة عامة ووضعنا الاقتصادي بصفة خاصة. ولعل من أهم السلبيات التي لاحظتها في المنتديات السابقة تتمثل في: ضعف البنية التحتية التكنولوجية، ونقص المعلومات الإحصائية الدقيقة الخاصة بالاقتصاد السعودي بشكل عام وشركات القطاع الخاص على وجه التحديد. ويلاحظ عدم وجود آلية عملية تجمع رجال الأعمال مع القيادات العالمية المشاركة من أجل استقطاب الاستثمارات الأجنبية أو مناقشة معوقات الاستثمار التي تواجه رجال الأعمال في الخارج. كذلك نلاحظ ارتفاع رسوم الاشتراك لهذه المناسبة، بالنسبة لكثير من الاقتصاديين والمختصين والمهتمين، لذا نأمل تخفيض الرسوم لهذه الشريحة أو توجيه دعوات مجانية لهم.إن الاستفادة من المنتدى تكمن في قدرة مجلس التسويق بالغرفة التجارية على تقييم المنتدى من جميع جوانبه وأبعاده، وذلك بالاستعانة بأفراد أو مؤسسات من داخل أو خارج المجلس، لديهم الخبرة العلمية والعملية في هذا المجال لمعرفة مواطن القوة والخلل، وتفعيل المنتدى بتوصيات قابلة للتطبيق ، كما نأمل طباعة التوصيات و ملخص للمحاضرات، وتوزيعها على المشاركين ليستفيد منها القطاعان العام والخاص.